يعد «قصر دبانة» المقام عند الواجهة البحرية لمدينة صيدا اللبنانية الجنوبية الواقعة على الساحل الشرقي لحوض البحر الأبيض المتوسط، أحد أهم الأبنية التراثية القديمة التي تم تشييدها في المدينةاللبنانية التاريخية خلال العهد العثماني منذ نحو 300 عام وتحول هذا القصر في العام 2001م إلى متحف يحتوي قطعاً ومخطوطات أثرية متنوعة يقصده السياح والزوار لمشاهدة المحتويات الأثرية النادرة. وإذ اشتهر قصر «دبّانة» بعراقته وأقدميته فقد تميز بناؤه بخليط من فن الهندسة العربية الدمشقية والعثمانية والمملوكية وهو ما يزال حتى اليوم محافظاً على رونقه الجمالي الأصلي مع بعض التغيير من ناحية واجهته المطلة على قلعة صيدا البرية والبحرية. وكان مبنى القصر قد صنفته مديرية الآثار اللبنانية معلماً أثريّاً تاريخيّاً في العام 1968م وقام مالكو هذا المبنى بتحويله إلى «وقف» في العام 1999م ومن ثم إلى متحف في العام 2001م وذلك بعد إنجاز عديد من أعمال الترميم فيه حيث جرى افتتاحه كمتحف أمام الزوار والسياح آنذاك وانضمامه في ذات الوقت إلى مجلس المتاحف الدولي والمجلس الدولي للمنازل التي تحوّلت إلى متاحف. ويرى الزائر خلال جولته للطوابق الثلاثة من القصر البهو الأوسط والعتبة وصولاً إلى المقرنص، كما يشاهد سقف الخشب المنحوت والمرسوم من خشب الأرز بحيث يشعر هذا الزائر بأنه يعيش حقب ذلك القصر فيكمل المشهد بالفوانيس والثريات والقطع النحاسية ويجلس على «الدشكات» في العتبة ويشاهد في الطابق الأعلى قفص العصافير الأثري الضخم الذي يمكن رؤيته عبر الزجاج الملوّن وصولاً إلى السطح؛ حيث يمكن مشاهدة مدينة صيدا وقلعتها البرية والبحرية. ولمبنى القصر فرادة في هندسته الأثرية وتناسق غرفه وردهاته وصالاته حيث يعد بشكله الأول من نوعه في لبنان؛ إذ يعيد إحياء الحقبة العثمانية وآثارها المعمارية الدقيقة المميزة بالفسيفساء والنقوش، ويمكّن الزائر من فهم تراث العهد العثماني الهندسي ومكنوناته. وقام القيِّمون على مبنى القصر بجمع عديد من النصوص والمخطوطات والوثائق والقطع الأثرية والأدوات حيث وضعت بشكل علمي دقيق وموثق يتمكن الزوّار من فهم مدلولاتها التاريخية عن كثب. وفي حديث خاص ل «وكالة الأنباء السعودية» أوضح رئيس اللجنة الإدارية للمتحف روفائيل دبّانة أن قصر «دبانة» تم تشييده في العام 1721م الموافق 1032ه وبناه علي آغا حمود.. مشيراً إلى أن عائلة «دبانة» اشترت القصر في العام 1800م وقاموا بزيادة طابق جديد في العام 1900م لأنه لم يكن يوجد في القصر غرف كافية للسكن بل قاعات كبيرة للاستقبال. ولفت دبانة الانتباه في معرض حديثه إلى أن جده روفائيل دبانة أحضر مهندسين من فرنسا وعملوا على إعداد مخطط جديد لمبنى القصر بحيث قاموا بإنشاء طابق جديد في العام 1900م وتمت تغطية الفسحة السماوية الموجودة في الطابق الأول بالخشب البغدادي وحجر الآجر والقرميد بحيث أصبح السقف يعلو 14 متراً وهو أمر غير اعتيادي، وهذا الطابق أضاف رونقاً جديداً متمماً لهيكل القصر الذي بني على الطراز العثماني بغالبية إنشاءاته.