سرد المستشار في الديوان الملكي المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية السابق، تفاصيل تجربته العملية على مسامع حضور كثيف، غصت بهم قاعات غرفة المنطقة الشرقية أمس. وعلت ابتسامة رضا على محيا النعيمي، وهو ينتقل بمستمعيه ومشاهديه من محطة حياتية إلى أخرى، معدداً المشكلات والعوائق التي تعرض لها في بداتيه. قال النعيمي أنه «لو عاد بي الزمن، سأكرر نفس التجربة السابقة، وأتخذ نفس القرارات»، لافتاً إلى أن «سر نجاحي طوال 70 عاماً مضت، كان بسبب توفيق الله ثم الجد في العمل وبعض من الحظ». وأضاف أنه «لم أجد الوقت والرغبة في تدوين تجربتي الطويلة ورحلتي، ولكن اصرار الأصدقاء والأهل علي في أن أوثق رحلتي الطويلة، حيث اقترحوا علي أن أسجلها عبر مسجل، فوافقت على ذلك، وبدأت بالتسجيل قبل عامين وانتهى بعد سنة ونصف السنة». واستعرض النعيمي خلال اللقاء الذي يندرج ضمن برنامج «تجربتي»، الذي ينفذه مجلس شباب الأعمال بالغرفة بهدف نقل تجارب جيل الرواد أو الشخصيات الناجحة في مجال الإدارة والأعمال، المواقف الكثيرة في حياته، وذلك قبل 70 عاماً عندما كان يرعى الغنم، ثم ألتحق بالمدرسة في سن التاسعة، وانه كان يسير مسافة 15 كيلو متراً على الأقدام للوصول للمدرسة، وفي نفس الوقت كان أول مرة يلبس فيه الحذاء في حياته. ومن حرصه على الحذاء كان يحمله ولا يلبسه للحفاظ على نعليه، وأثناء الصف الأول الابتدائي عندما طلب منهم المعلم أن يتمنوا ماذا يريدون أن يصبحوا في المستقبل، فكانت لديه أمنية، وعندما وصل عنده الدور قال إنه يريد أن يكون رئيس شركة أرامكو. عمل النعيمي في سن ال12 مراسلاً لأرامكو، وكان يتقاضي 90 ريالاً، وفي الوقت نفسه، كان هو العائل الوحيد لأسرته بعد وفاة أخيه بالمرض وأبوه المريض. تم طرده من العمل بعد 9 أشهر بسبب أنظمة جديدة أصدرتها وزارة العمل، تنص على ألا يعمل في ارامكو من هو دون ال 18»، ولم تكن محاولات التأكيد بأن عدم نبت الشارب واللحية بسبب عامل وراثي، مقنعة للشركة بأنه تجاوز ال18، فعمل في شركة أخرى، وتم طرده كذلك، وخلال 4 شهور، تم طرده من 4 وظائف، وكان الحل الوحيد في الحصول على وظيفة هو أن يكون عمره 18 عاماً. وقال النعيمي: «عندما أعفيت من شركه أرامكو، عملت مراقب عمال، ووقعت من وعملي، وطردت من العمل، وبعدها اتجهت للعمل لدى الجيش الامريكي وطردت أيضا». وتابع «ذهبت إلى أحد الأطباء في مدينة الدمام للحصول على شهادة تفيد بأن عمري 18 عاما، ولكن الطبيب بعد الفحص، كتب أن عمري 12، وبعد محاولات، اقتنع الطبيب وسجل أن عمري 17، فأخذت الشهادة للعمل، وعملت بوظيفة مراسل براتب 125 ريالاً». وأكد النعيمي أنه يرفض التوسط لأي شخص للحصول على وظيفة، وأنه عانى من هذه الأمور، ويجب أن يبادر الشخص ولا ينتظر الوظيفة أن تأتيه، وأنه عانى كثيراً في حياته». وأضاف «أصعب موقف عندما كان شخص أجنبي قوي البنية يضايقني في العمل». وذكر النعيمي خلال حديثه أنه عمل لمدة ثلاثة أيام في وزارة الزراعة، براتب مغر وهو 3000، بينما كان يحصل من أرامكو على 1600 ريال، لكنه لم يستطيع التأقلم فيها بسبب كثير من الأمور، فطلبه الوزير في جدة، وسأله «ليش ما تبغانا، فقلت في الحكومة ما أقدر أنجز وأنت تبغاني أنجز». فتركت العمل في وزارة الزراعة». وأضاف النعيمي «في عام 1956 م تم اختياري لمتابعة عدة دورات دراسية في الخارج، بدأت في بيروت ودرست في الكلية العالمية (إنترناشونال كوليدج) ثم في الجامعة الأمريكية وتابعت تحصيلي بعد ذلك في جامعة ليهاي في بنسلفانيا، ونلت درجة البكالوريوس في الجيولوجيا في عام 1962 م، ثم حصلت على درجة الماجستير في الجيولوجيا من جامعة ستانفورد في عام 1963 م. وحصلت في عام 1995 م، على الدكتوراه الفخرية من جامعة هاريوت – واط في إدنبره باسكتلندا، تقديراً لإنجازاتي في مجال إدارة وإنتاج الزيت والغاز من خلال عملي في أرامكو السعودية». شهدت السنوات التالية من خدمته في أرامكو ترقيته إلى عدة وظائف في أعمال الزيت، فمن ملاحظ أشغال إلى ناظر مساعد، ثم من ناظر إلى مدير، وشغل أول منصب إداري تنفيذي له في الشركة عام 1975 م حين عُيّن نائباً للرئيس للإنتاج، وحقن الماء، وبحلول عام 1978 م أصبح نائباً أعلى للرئيس لأعمال الزيت، وفي عام 1980 م، انتخب عضواً في مجلس إدارة الشركة. عرض عليه خطة انجاز بئر شيبة للنفط في 5 أعوام بتكلفة 5 مليار، فقال لايصح ان نبدأ المشروع في القرن 20وننهيه في 21 فأنجز المشروع في 3سنوات وبقيمة مليارين فقط. وأشار النعيمي أنه متفائل بمستقبل المملكة وانها تعتبر من أقوى اقتصادات دول العالم، وأن النفط والغاز داعمان أساسيان للاقتصاد لاسيما أن المملكة بدأت في تنويع مصادر الدخل، والمطلوب العمل والمثابرة للوصول للقمة، موضحا أن رؤية المملكة 2030 تهدف إلى تعزيز المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومنها إنشاء هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة.