إن غياب الوازع الديني وانحسار مفهوم الإسلام لدى بعضهم في الصلاة والزكاة والصيام هو أحد أكبر الأخطاء التي تسببت في اختفاء معالم الأخلاق الفاضلة، فالدين المعاملة، والإسلام دين الأخلاق القويمة ودين المعاملة الكريمة، ويظهر ذلك جلياً في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وفي قوله -صلى الله عليه وسلم- «إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً». ففقدان الوازع الديني وغياب الضمائر الحية لم يتورع بعضهم في الخوض عن نهش لحوم بعضهم والتعرض لأعراض الناس وأخذ بعضهم من صداقات النساء للهو ومن ثم فضائحهن بين أصدقائه للتسلية أو الفضفضة كما يدعي بعضهم. يسْترْسِل في الحديث عن عُيوب الناس ونقائِصِهِم، وفضائِحِهم، ومساوِئِهم، وفي هذا الحديث كما قال العلماء مُتْعَةٌ اجتماعية، لذلك قالوا: الغيبةُ مائِدَةُ طعام الكلاب، وإدامُ الفُساق، ومن أعْمال أهْل الفُجور. إن من أوْسع المعاصي التي يقْترِفُها الناس وهم لا يشْعرون في مجالسِهِم، وسفَرِهِم، ولِقاءاتِهِم، وولائِمِهِم، وأعْراسِهِم، وفي أحْزانِهِم، النهش في أعْراض الناس من باب الغيرة والحسد لشعوره بأنه أحسن منه ويظن أن من كلامه يسيء لسمعته ونسي أنه يقترف إثماً كبيراً، فَهُو واقِعٌ بِغيبَةٍ كبيرة، والغيبة كما تعْلمون من أكبر الكبائِر. (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ، قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ). مجرد استمتاعك بالحديث في أعراض عباد الله فسيوكل الله لكل عبداً آذيته بلسانك من أن يأخذ حقه منك في الدنيا أو في الآخرة، ومع الأسف لن تفلت من عقوبة الله، وتأكد تماماً أنه سيأتي لك يوم يتكلمون عنك فيه بما يسيئك وتبقى مضغة في أفواه قومك. روى معاذ -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «من عيَّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله». رواه الترمذي. فلنتقِ الله في القول والفعل وكلٌّ لدينا أهل وأولاد.