تقدّم بعض جامعات المملكة المتحدة قبل بداية مرحلة الماجستير والدكتوراة دورات تأهيلية للدراسة الأكاديمية تسمى (Pre-sessional courses). في هذه الدورات يتم شرح بعض الطرق السليمة لكتابة البحوث الأكاديمية التي يتبعها الطالب طوال فترة دراسته سواءً لمرحلة الماجستير أو الدكتوراة. المدرسون في هذه الدورات يركزون على مفاهيم كثيرة من أهمها مفهوم التفكير الناقد أو التفكير بنقد (Critical thinking) تتم إعادة هذا المفهوم مراراً وتكراراً خلال هذه الدورات لأنه يعدّ أهم مهارة يجب أن يتقنها المشتغل في البحوث الأكاديمية. ببساطة هذا المفهوم يمكنك من النظر في ما تريد البحث فيه بطريقة انتقادية داعماً ما تتوصل إليه ببعض الإحصاءات والأدلة اللازمة بناء على أسس علمية مدروسة وواضحة للجميع وذلك كإثبات لوجهة النظر. قام بتقديم هذا المفهوم الفيلسوف سقراط منذ 2500 سنة مضت، بعد ذلك تطور على مر القرون بواسطة الخبراء وصولاً إلينا. مفهوم التفكير الناقد يساعد في الإبداع والابتكار، واكتساب المعرفة، وتحسين النظريات، حيث لو تم نقد منتج معين أو فكرة معينة فهذا سوف يدفع الآخرين نحو تجويده وتحسينه وإضافة التعديلات والتحسينات إليه، ومن هنا ينتج لنا الإبداع والابتكار. ومن خلال البحث عن الإحصاءات وعن المعلومات اللازمة تكتسب المعرفة. فعند وجود ضعف في نظرية معينة فإنه تتم المحاولة على تحسينها وذلك باتباع براهين واستدلالات علمية، فمن هنا تتحسن النظريات. لتطبيق هذا المفهوم بشكل عام لابد أن يكون الشخص مطّلعاً وقارئاً بشكل جيد حيث قد يعتمد هذا المفهوم اعتماداً كليّاً على التعليم الذاتي. فليس من الضروري أن يكون من يمتلك ذاكرة جيدة ولديه كثير من الحقائق جيداً في التفكير الناقد، لكن المفكر الناقد هو الذي يعرف كيف يستفيد من المعلومات لحل المشكلات والبحث عن المعلومات ذات الصلة بالموضوع ليؤكد ما توصل إليه ويكون كذلك قادراً على تقييم صحة المعلومات ومصداقية مصدرها. إن أحد السبل للبحث والحصول على المعلومات وتقييم صحتها تكون من خلال بيئة دراسية مناسبة توفرها جامعاتنا كالمكتبات المجهّزة بأنواع الكتب والمصادر والمجلات والوسائط المختلفة، بالإضافة إلى سهولة الوصول إلى المكتبة الإلكترونية الخاصة بكل جامعة على مدار الساعة. باختصار تطبيق مثل هذه المفاهيم بفاعلية أكبر في جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية والعزوف عن بعض الطرق الحالية منها الحفظ، قد يزيد القدرة على التواصل، والإبداع، وتحصيل المعرفة، ويشجع على المناقشة والحوار عند طلابنا وطالباتنا، ومع الوقت يجعل منهم أكثر تقدماً وابتكاراً، فهم أملنا..