وأهم ما في موضوع العمل الصحفي وأساسه المتفق عليه هو «المهنية»، ونقل الأخبار كما هي دون تدخل وبلا انفعالات، فالإعلامي مجرد وسيط يرصد الأحداث، وبحسه الصحفي يستطيع أن يستطلع المواقف والقرارات الحكومية الحساسة ومدى انعكاسها على الجمهور، ليقدم للمتلقي ما توصل له بحيادية تامة، ثم يأتي دور الكُتاب والمثقفين في مناقشة تلك القرارات في وسائل الإعلام المختلفة، إلى أقصى حد فيما يتاح لهم من فرص، فمنذ بروز رؤية المملكة 2030 لم أر تلك التحقيقات الصحفية في الصحف الورقية ولا التلفزيونية تناقش الرؤية وأثرها المباشر على المواطن البسيط على المدى القصير أو البعيد، «وأجزم أن «السلطة» ليس لها علاقة بهذا الأمر المُحبط للناس»!، وأخشى ما أخشاه أن يجد الإعلامي أو المثقف السعودي نفسه في عزلة تامة عن مجتمعه، حين يبتعد هذه المسافة الشاسعة عن هموم الناس، وأذكر خروج الإعلامي المعروف وليد الفراج «بكامل انفعاله» قال بالنص (الناس الذين قابلوا الأمير محمد بن سلمان قاعدين ينقدونهم/ أنت مطبل يعني لو حشيت أصير مُش مطبل، الحبايب هذولي يبون يوصلون المجتمع السعودي للتالي؛ إذا أنت تهاجم أي قرار حكومي أنت رجل حر مستقل، تشيد بأي قرار أنت مطبل!)، قد يُبرر الزميل أنه لم يُهاجم المجتمع إنما قصد الذين يتخفون خلف أسماء مستعارة في وسائل التواصل أو أصحاب الحسابات المغرضة، وهذا تبرير غير كاف، إذ لا يمكن له أن يفرز الحسابات المغرضة التي تبث الفتنة وبين الحسابات التي تنتقد بعقلانية، هذه مهمة (وزارة الداخلية ولا يخفى على أحد نجاحاتها في متابعة هذه الحسابات وضبطها)، فنرجسية الزميل «الفراج» مع الأسف طغت على شخصيته الإعلامية المتزنة، فظهوره بهذا الشكل «المتشنج» سيوحي للمتلقي بأنه يحاول أن يفرض وصاية من نوع ما على المجتمع وهذه بالتأكيد ليست من مهام الإعلامي أو المثقف!