كل إنسان تمر بحياته أزمة وفتنة وابتلاء وبعض العناء. ومن خرج منها وقد سلم فيه دينه ونفسه وعرضه وسمعته، فلقد سلم كثيراً غالياً وذهب القليل البالي. أيها المهموم: لا تنتظر وتقف كثيراً، بل توجه لصندوق البدائل، مستفيدا من تجربة الماضي، مستغلا للفرص التي تدق بابك، وافتح لها الباب متوكلا على الله، ممسكاً بها قبل أن تغادر إلى غيرك، واعقد العزم والهمة، على ملء حياتك بالورد والعطور، وبالتفاؤل الحسن، الذي أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته فقال «تفاءلوا بالخير تجدوه». فلا تعيقنا -أخي في الله- العقبات والنكبات عن الاستمرار في عمارة الأرض كما الله أمر، واستخلفنا فيها لكي نبني البشر قبل الحجر. ولا تقيدنا همومنا وأخطاؤنا في الماضي، فتجعل من حياتنا الحاضرة والقادمة غاتمة لا هدف يرتقي فيها، ولا رائحة زاكية في نواحيها، فعش حياتك يا عبدالله كما أمرك الله أن تعيش فيها، بالإخلاص والأمل، وبالمحبة والعمل. ولا تغش حياتك بنظرات التشاؤم والانزواء، فتموت كل لحظة ألف موتة، وتعيش الموت ألف لحظة. حياتك غالية يا عبدالله، ودليل ذلك أن جعل الله قتلها كمن قتل الناس جميعا، فلا تهب حياتك للشياطين يتلاعبون بها كيفما شاؤوا، بالوسواس تارة وبالعقد النفسية تارات، فتزداد على إثرها انحطاطاً يوماً بعد يوم، فيصعب بعد ذلك انتشالك من مستنقع الأوهام التي صنعتها أنت.. وربطت نفسك بها أنت.. وخدعت من حولك بها أنت. والحقيقة أنك أنت أنت.. الذي قتلت نفسك، وأنت أنت.. الذي ستنجيها بإذن الله وبعونه سبحانه العليم القدير. لكن كن واثقاً من نفسك، وادعو الله بأن يحقق رجاك فيما طلبته منه، ولا تنس أن علينا العمل بالأمل الذي رسمناه، واستغلال الفرص التي يهبها الله لنا بفضل ما دعوناه، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.