قبل أشهر قليلة سيطرت سياسة التقشف والادخار على المشهد الاقتصادي، ثم اطمأن السعوديون ليلة إعلان ميزانية الدولة 2017 التي لامست تطلعات الوطن وهموم المواطن، وجاءت متوازنة تحمل في طياتها مزيداً من الشفافية والوضوح وتسير بالوطن نحو مستقبل مشرق متفائل بتحقيق الخطط التنموية الشاملة التي تترجم سياسة المملكة في مواجهة العقبات والتحديات الاقتصادية ومواكبة متغيرات العصر، وقد شملت الخطط المستقبلية عدداً من البرامج الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، ووضع الحلول المناسبة لكل العقبات التي قد تحد من الطموحات المستقبلية، ورفع جودة الخدمات المقدمة للمواطن وتحسين مستوى الأداء في القطاعين الحكومي والخاص. على الرغم من كل التقلبات في أسعار النفط إلا أن الوطن يعيش مرحلة استقرار يتم التركيز فيها على الإصلاح المالي، والإداري والاقتصادي، وإعلان بداية مرحلة التحول الوطني لعهد اقتصادي جديد يحقق رؤية المملكة 2030، وقد أطلق في موقع الرؤية وثيقة بعنوان «التوازن المالي» تشرح بوضوح خطة الحكومة للوصول إلى توازن مالي في عام 2020 وتتكون الخطة من مجموعة عناصر توضح وتشرح كيفية الترشيد في الإنفاق الرأسمالي التشغيلي، لتحقيق الأهداف التي تؤكد متانة الاقتصاد السعودي، فتلك الإصلاحات في ترشيد الصرف والحد من الهدر المالي ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي ومحاربة الفساد كل ذلك من الأسباب التي ساهمت في خفض العجز المالي، ومن الخطط المستقبلية ما تسعى إليه الحكومة في المزيد من تنوع مصادر الدخل التي أصبحت واقعاً ملموساً، وتطوير البنية التحتية وتطوير الخدمات المقدمة وهيكلة المصروفات وضبط الإنفاق، ونأمل أن تحقق في العامين المقبلين خطوة جديدة للانتقال بالميزانية العامة للدولة من العجز إلى الفائض؛ فالطموح في ميزانية هذا العام انتقل بها من البنود إلى البرامج الحديثة التي تواكب الاقتصاد العالمي، وتعدُّ نقلة نوعية مدروسة تحاكي اقتصاديات دول العالم الأول. السعودية تسير بخطى واثقة لبناء وطن قوي قادر على مواجهة الصعاب، وطن متوازن عند التقلبات الاقتصادية، وتسعى إلى رفاهية المواطن وتسليحه بثقافة معرفية تتوافق مع معطيات العصر، وتضع كل ثقتها في جيل جديد من المبتكرين والمبدعين في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية، وفتحت الأبواب للمستثمر الأجنبي لإيجاد أجواء تنافسية في قطاعات عديدة وبذلك تضيف قيمة جديدة للاقتصاد السعودي الحر المتوازن، وتوجد من خلال ذلك فرصاً وظيفية جديدة لأبناء الوطن. بفضل الله تعالى ثم بوعي القيادة الحكيمة، لا خوف على الاقتصاد السعودي، فانخفاض العجز في الميزانية وزيادة الإنفاق على المشاريع التنموية أحد أهم المؤشرات على قوته ومتانته وصلابته ونجاحه في التغلب على التحديات التي شهدها سوق النفط، وهناك موارد مازالت بكراً ستسهم مستقبلاً في تحقيق رؤية المملكة التي تحمل مضامين اقتصادية واعدة تدفع بالنمو الاقتصادي إلى الأمام، وتضمن مستوى جيداً لمعيشة المواطن ورفاهيته، وتعزز القدرة على إنجاز مشاريع التنمية.