لست متخصصاً في علم الاقتصاد، لكن إن كان هناك نصيحة أستطيع أن أقولها بخصوص رؤية 2030 فهي أنه ينبغي أن تطبق عليهاevolution theory the نظرية التطور. إذا كانت الأشياء تتطور، فالأفكار مثلها تتطور، ولو نظرنا إلى أي مذهب فلسفي أو فكري، فسنجد أن الفكرة الأولى لم تبق كما هي حين نطق بها المفكر الأول الذي تُنسب إليه، بل تطورت على مدى القرون، بعد الاصطدام بنقائضها وبعد الاصطدام بالواقع، بحيث تُعدل الفكرة نفسها وتتنازل عن بعض أطرافها ليبقى أصلها وعمودها، وبحيث تتعايش مع الظروف المحيطة وما يمليه عليها الواقع. أعجبتني جملة كتبها أيليوت كوين في كتاب (supremecommand) وهو يتحدث عن معركة عسكرية تحقق فيها النصر، فقال «لقد كانت خطة القائد العسكري، لكن وزير الدفاع طرقها بالمطارق حتى أصبحت صالحة للتطبيق». هذا ما تحتاجه رؤية 2030 أن تُطرق بالمطارق طرقاً لا ينقطع حتى تنجح، وذلك من خلال التجربة المستمرة والخروج بنتائج يتم فحصها والتدقيق فيها بشكل مستمر واختبار الاستنتاجات والتأكد من تطابقها مع الحقائق الموضوعية، فما ثبت صلاحه يبقى، وما ثبت أنه غير صالح يستبعد، بناء على القواعد العلمية للمنهج التجريبي. ينبغي ألا يُنظر لرؤية 2030 على أنها تمثال جاهز لكي يُنصب، وإنما ننظر إليها ككتلة إسمنتية خشنة يجب أن تُطرق بالحديد حتى تصبح هي الصورة المطلوبة. لا يمكن أن نعتمد على صورة جاهزة في أذهاننا ونسعى لتطبيق تلك الصورة بحذافيرها، بمعزل عما يحدث كل يوم في الحياة الحقيقية المعاشة، بل الأنجع هو أن ندرك أن الرؤية لن تكون كما هي في يومها الأول، بل ستكون في حالة تطور مستمر. أعجبتني جملة أخرى، في نفس الكتاب سابق الذكر، عندما وصف إبراهام لنكولن بأنه لم يكن يحاول أن يتخيل ما سيكون ولم يكن يتنبأ بشيء ولم يكن مأسوراً بدعوى المعرفة المسبقة بما سيقع، وإنما كان ينام في مكتب البرقية يتابع الأخبار ويتصرف بناء على ما يحدث في الواقع وبناء على آخر الأخبار. برغم كل هذه الخواطر، وبرغم كثرة المرجفين، فما رأيناه من رؤية 2030 إلى هذه اللحظة هو جيد وواعد، ولا شكوك عندي أننا سنرى سعودية تختلف كثيراً فيما نستقبل من السنين، عما كانت عليه في السابق. لا شك عندي في أن هذه القضايا لم تغب عن رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي نسمع كثيرا عن الجهد الكبير والساعات الطويلة التي يقضيها سعياً وراء تحقيق هذه الرؤية. كما أنني لا أشك في أن الأمير محمد سينجح في تحقيق هذه الرؤية التي ستعود بالخير على الوطن وعلى كل أهل الوطن، وما زلنا على تفاؤلنا واستبشارنا بها.