تخيل.. بيتكم يتهم بالتطرف! فتقرر العائلة أن تدرس الموضوع، وتكتشف أن قلة من أبنائها الصغار في السن بالفعل متطرفون، وتبدأ بالعمل على قدمٍ وساق في معالجة المشكلة فهي الآن تواجه تُهما خارجية واعوجاجا فكريا وعقديا داخليا..! يقرر عقلاء العائلة أن يوكلوا مهمة البرامج التوعوية للأبناء الكبار على اعتبار حكمة السنين وقيمة التجارب (الفجوة الأولى)، ومن ثم يجمعون على التعزيز في كل مجلس لصوت أحد أعلام العائلة ممن يشهد لهم بالتدين والعلم الراسخ (الفجوة الثانية)، ويتفتق عن مجلس العائلة قرار استضافة أهل الخير والعلماء الكبار في صدر مجالسهم كوسيلة تزيد من اختلاط الأبناء المغرر بهم أو المتطرفين مع قامات طيبة قادرة على أن تترك أثرا طيبا عادةً (الفجوة الثالثة)، اعتماد تجاهل مواجهة الأبناء المتطرفين وعدم الغوص داخل فكرهم بحجة عدم إعطاء رأيهم قيمة لعله يتضاءل ويصغر أمام الجهود التوعوية المبذولة (الفجوة الرابعة)..! الفجوات السابقة هي نفسها التي وقعت فيها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الأسبوع الماضي حينما استضافت عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان لإلقاء محاضرة حول «مسؤولية الشباب عن دينهم ووطنهم»، المحاضرة هي جزء من كم كبير من جهود الجامعة التي انتهجتها ولا تزال لنفي تهمة التطرف التي تنال من سمعة أبنائها. والفجوات في حكاية العائلة لا تخص جامعة الإمام وحدها، هي فجوات جبارة وقعنا فيها كحكومة ومجتمع، فجوات سقطت فيها كل الجهود المبذولة لمعالجة مشكلات التطرف لأنها لم تأخذ عملية الاتصال التي تقوم بها بشكل علمي، فعملية الاتصال سواءً كانت مباشرة أو جماهيرية قائمة على أركان أساسية وهي (المرسل أوالقائم بالاتصال، الرسالة، الوسيلة التي تنقل الرسالة من خلالها، المستقبل أوالمتلقي، الصدى) والرسالة مهما كانت قيمتها إن خانتها الوسيلة أو عجز مرسلها عن ملامسة عقول المتلقين فلن تصل أبداً. جمان: غياب المناظرات عن المشهد الفكري المحلي وسيادة الصوت الواحد أحد أهم الثغور الذي يتسلل الظلام منه. واسمعوا رأي أبنائكم فيما تفعلون.