اختتم مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني لقاءات الحوار الوطني العاشر في مرحلته الثانية، أمس في محافظة جدة، وسط حضور ومشاركة مجموعة من العلماء والمفكرين والأدباء والمهتمين بالشأن العام في المنطقة. وخرج اللقاء التحضيري التاسع للقاء الحوار الوطني العاشر، بعديد من الأفكار والتوصيات، تلا أبرزها الأمين العام للمركز، الدكتور فهد السلطان، بعد أن أوضح أن هذا اللقاء جاء استكمالاً للقاءات التحضيرية للقاء الوطني العاشر للحوار الفكري في عموم مناطق المملكة، أملاً في حشد الطاقات والهمم وتوحيد الجهود بين جميع مكونات المجتمع، بهدف الوصول إلى رؤية مشتركة حول التطرف ومظاهره وسبل معالجته. ومن بين تلك التوصيات، التشديد على أهمية أن لا يكون التعامل مع «التطرف كردود أفعال وقتية، وإنما عن طريق بناء استراتيجية تركز على نشر مفاهيم وقيم الوسطية والاعتدال والتعايش بين جميع مكونات ومؤسسات المجتمع»، ومعالجة المظاهر والظواهر السلبية، مثل البطالة والفقر والإقصاء والتهميش، التي قد تسبب التطرف، وقد تحوله من فكر إلى سلوك معادٍ للمجتمع. وأوضح المشاركون أن مظاهر التطرف تتنوع، ومنها الديني والتكفيري والإلحادي والقائم على العصبية القبلية والرياضي والاجتماعي والعرقي، وأن من أبرز أسباب التطرف عدم احترام التخصص والرجوع إلى المتخصصين، والتأكيد على أهمية أدوار الأسر والمدارس والجامعات والمساجد والأندية للتصدي لهذه الظاهرة وآثارها على المجتمع. ومن التوصيات التي طرحت أيضاً، أن «التطرف أياً كان نوعه هو انحراف فكري ينبغي أن يواجه ابتداءً بالفكر الوقائي والتصحيحي وبهدف الوقاية منه وللحيلولة من تحوله إلى سلوك عنيف يهدد السلم الاجتماعي ويعيق عجلة التنمية»، والإشارة إلى أهمية «الاستفادة من الدراسات الموجودة في الجامعات والجهات الحكومية عن التطرف، وخصوصاً القائمة على دراسة حالات متطرفة والاستفادة منها في بناء معالجة واقعية»، وضرورة قياس نواتج اللقاءات الوطنية للحوار الفكري، وإتاحة الفرصة للمواطنين لمعرفة الفوائد المترتبة على ما تم في تلك اللقاءات من حوارات، ودعوة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني إلى زيادة جهوده وأنشطته في السجون والإصلاحيات لتفعيل آليات الحوار الهادئ والفعال، «مما يمكن المتحاورين والنزلاء، من الحوار المفضي إلى تصحيح المفاهيم والعودة إلى جادة الصواب». وذكر السلطان أن من أبرز تلك التوصيات، الدعوة إلى «ردم الفجوة بين ما يشاهده الطلاب ويسمعونه في مدارسهم ومساجدهم وبين ما يشاهدونه في الإعلام وبخاصة في الإعلام الجديد والاستفادة من التقنيات الحديثة في ذلك». وكان رئيس مجلس أمناء المركز، عضو هيئة كبار العلماء، الشيخ عبدالله المطلق، قد شدد في بداية اللقاء، على خطورة ظاهرة التطرف، وقال إن هذه الظاهرة أتاحت الفرصة لأعداء الإسلام للنيل من المسلمين وإلصاق تهمة الإرهاب بهم والتضييق على الأقليات الإسلامية في العالم بسبب أعمال المتطرفين. وأعرب المطلق عن أمله أن تؤدي مداخلات المشاركين والمشاركات إلى الخروج من اللقاء بنتائج تسهم في الحد من مواجهة التطرف، موضحاً في الوقت ذاته أنه سينظر إليها بعين الاعتبار ورفعها للجهات المسؤولة لدراستها والاستفادة منها. من جانبه، قال نائب رئيس مجلس الأمناء، الأمين العام للمركز، فيصل بن معمر، في كلمته، إن موضوع التطرف من المواضيع الأساسية التي يوليها المركز اهتماماً منذ تأسيسه، لافتاً إلى أن المركز يسعى إلى ترسيخ مبادئ الحوار والوسطية والاعتدال، وأن من أهم الأركان التي يجب مناقشتها في قضية بناء الوسطية والاعتدال ومكافحة الغلو والتطرف هو دور المسجد والمدرسة والأسرة. وتم خلال اللقاء مناقشة موضوع التطرف وآثاره على الوحدة الوطنية من خلال أربعة محاور هي: التطرف والتشدد واقعه ومظاهره، العوامل والأسباب المؤدية إلى التطرف والتشدد، المخاطر الدينية والاجتماعية والوطنية للتطرف والتشدد، وسبل حماية المجتمع من مخاطر التطرف والتشدد.