واصلت قوات الأسد وميليشيات إيران هجومها على الأحياء الشرقية لمدنية حلب أمس، وقالت شبكة شام الإخبارية إن المعارك دارت على ما تبقى من أحياء حلب المحاصرة، وهي السكري والمشهد وتل الزازير والأنصاري والزبدية وجزء من العامرية. وأكدت الشبكة أن قوات الأسد والميليشيات الإيرانية، نفذت عدة مجازر في الأحياء التي سيطرت عيها، وبحسب ناشطون فإن أكثر من ثمانين شخصاً أعدمتهم قوات الأسد والميليشيات ميدانياً أغلبهم من مدنيين عزل، كما أن هذه الأحياء المتبقية تتعرض لقصف مدفعي وصاروخي عنيف جداً يجعل حياة أكثر من مائة ألف مدني معرضة للخطر بشكل كبير؛ حيث لا يوجد أي وسائل لانتشال الضحايا من تحت الأنقاض، وأكد الدفاع المدني على أن الوضع كارثي جداً دون قدرة عناصره لعمل أي شيء للجرحى سوى تضميد الجراح ومحاولة وقف النزيف مؤقتاً. وندد رئيس الوزراء الفرنسي الجديد برنار كازنوف أمس «بفظاعات لا تحصى وبالمجازر» التي يرتكبها النظام السوري بحق المدنيين في حلب ويمكن أن تشكل بحسب قوله «جرائم حرب أو حتى جرائم ضد الإنسانية». وقال كازنوف في أول خطاب له أمام الجمعية الوطنية الفرنسية «أندد بهول هذه المجازر، وأؤكد أن مرتكبيها سيحاسبون أمام المجموعة الدولية». وأضاف «فيما أتحدث إليكم، تضرب مأساة إنسانية مخيفة مدينة حلب وسكانها المدنيين»، مشيراً إلى «نساء وأطفال حلب الذين يفرون تحت القذائف بعد أشهر من الحصار ويتعرضون لفظاعات لا تحصى». وتابع كازنوف «بحسب شهادات عدة، فإنه يجري توقيف الرجال الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً وتجنيدهم بالقوة، وفي بعض الأحيان إعدامهم من قبل الجيش السوري بدعم من القوات المؤيدة لنظام بشار الأسد بدءاً بروسيا».وقال رئيس الوزراء في خطاب توليه مهامه الذي يلقيه بعد أسبوع على تكليفه «هذه الفظاعات التي يمكن أن تعتبر جرائم حرب أو حتى جرائم ضد الإنسانية تجري بقسوة غير مسبوقة». وتابع «لن نقبل أبدا تحت ستار أي واقعية كانت، بأن نتحالف اليوم مع المسؤولين عن قتل حلب» في إشارة ضمنية إلى مرشح اليمين فرنسوا فيون الذي يؤيد تقارباً مع موسكو بشأن الملف السوري. كما دعت فرنسا إلى عقد اجتماع «طارئ» لمجلس الأمن الدولي حول الوضع في حلب التي تشهد «أسوأ مأساة إنسانية في القرن الحادي والعشرين» كما أعلن السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة فرنسوا ديلاتر أمس. وقال أمام الصحافيين «علينا جميعا العمل لوقف إراقة الدماء وإجلاء السكان بكل أمان، ومساعدة الذين هم بحاجة لذلك». من جهتها أعلنت متحدثة باسم رئاسة الوزراء البريطانية أمس أن لندن تريد تنحي الرئيس بشار الأسد عن السلطة بعد أن تعامل ب «قسوة وحشية» مع الشعب السوري، مكررة بذلك الموقف الذي اتخذته الحكومة البريطانية منذ فترة طويلة. وقالت المتحدثة في الندوة الصحافية اليومية «لا نعتقد أن الرئيس الأسد الذي يحكم الشعب السوري بمثل هذه القسوة الوحشية، هو الطريق نحو مستقبل آمن ومزدهر لسوريا على المدى البعيد». وأضافت «لذلك نعتبر أن من الضروري حصول عملية انتقال سياسية من دون الأسد» في سوريا، فيما اتهمت الأممالمتحدة أمس أنصار النظام السوري بإعدام عشرات المدنيين ومنهم أطفال في مدينة حلب. وأوضحت المتحدثة البريطانية أن «المشكلة الحالية في حلب هي أننا لا نستطيع إيصال المساعدات، ولا نستطيع إدخال تجهيزات طبية أو ماء»، مشيرة إلى أن إيصال هذه المساعدات يشكل أولوية. وأكدت المتحدثة أن المملكة المتحدة ستمارس ضغوطاً على شركائها الأوروبيين خلال قمة الخميس في بروكسل، من أجل تبني «إعلان حازم وواضح» حول الوضع في حلب، وخصوصاً حول «ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية والتوصل إلى وقف لإطلاق النار». قال مستشار الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية يان إيغلاند، مساء الإثنين، إن روسيا وقوات النظام تتحملان مسؤولية "الفظائع" التي ترتكبها الميليشيات التابعة لهم في الأحياء الشرقية من حلب المحاصرة. وأضاف "إيغلاند" أن روسيا والنظام السوري مسؤولان عن كل الانتهاكات والقصف التي تتعرض له مدينة حلب، حسبما نقلت وكالة "رويترز". واتهمت الأممالمتحدة قوات النظام السوري بقتل 82 مدنياً على الأقل، بينهم نساء وأطفال، في أحياء حلب الشرقية التي استعادت السيطرة عليها من قوات المعارضة. وقال المتحدث باسم مجلس حقوق الإنسان روبرت كولفيل نقلاً عن تقارير جديرة بالثقة، خلال مؤتمر صحافي في جنيف إن الضحايا، وبينهم 11 سيدة و13 طفلاً، قتلوا "على الأغلب في الساعات ال 48 الماضية" في أربعة أحياء مختلفة من حلب التي تكاد تسقط بأكملها في أيدي قوات النظام السوري. وأضاف كولفيل "تم إبلاغنا أن قوات النظام تدخل بيوت المدنيين وتقتل الأفراد الموجودين هناك، بما في ذلك النساء والأطفال"، مشيراً إلى أن مكتبه يملك أسماء الضحايا. وقال نقلاً عن عديد من "المصادر الموثوقة"، "الليلة الماضية، تلقينا معلومات تقول إن القوات الحكومية قتلت 82 مدنياً على الأقل، بينهم 11 سيدة و13 طفلاً، في أحياء بستان القصر والفردوس والكلاسة والصالحين". ورداً على سؤال حول هوية الذين ينفذون عمليات القتل هذه، قال كولفيل "إنه مزيج: الجيش السوري وميليشيات". وأكد المتحدث أن بعض المدنيين "تمكنوا من الفرار". لكنه أشار إلى تقارير عن "اعتقال آخرين وقتلهم على الفور، أو توقيفهم". نقلت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) أمس عن طبيب في مدينة حلب قوله إن عدداً كبيراً من الأطفال ربما يزيد على المئة محاصرون بمفردهم في مبنى يتعرض لقصف عنيف في شرق المدينة. وقال جيرت كابيلير المدير الإقليمي ليونيسيف في بيان "وفقاً لتقارير مقلقة من طبيب في المدينة هناك كثير من الأطفال ربما أكثر من 100 – افترقوا عن عائلاتهم أو تركوا بدون من يرعاهم- محاصرون داخل مبنى يتعرض لهجوم عنيف في شرق حلب. طالبت منظمة "أطباء العالم" غير الحكومية أمس بإجلاء آخر الناجين من حلب على وجه السرعة، بعد أن تحولت هذه المدينة إلى "جحيم حقيقي" وباتت على وشك السقوط بأيدي النظام، حيث الجثث في الشوارع والقصف متواصل والتجاوزات حاصلة. وقالت رئيسة المنظمة فرنسواز سيفينيون "حلب تشهد أوضاعاً خطيرة للغاية : لا يزال 100 ألف شخص محتجزين على أراض لا تتعدى مساحتها خمسة كيلومترات مربعة". وأضافت "عمليات القصف لم تتوقف ويدخل الجيش وحلفاؤه إلى المنازل في حلب ويقتلون المدنيين وباتت الجثث تتكدس في الشوارع منذ أيام" و"قتل 82 مدنياً مساء الإثنين بينهم 11 امرأة و13 طفلاً" مستندة إلى شهادات على الأرض. وتابعت "لم توضع أي خطة لحماية المدنيين" في الوقت الذي يتقدم فيه الجيش السوري وحلفاؤه في حلب وبات يسيطر على أكثر من 90% من شرق حلب. وقالت "أمام هذه المأساة الإنسانية المهم اليوم هو أن يخرج الأحياء من هذا الجحيم" مطالبة ب "إجلاء كل المدنيين دون أي شكل من أشكال التمييز". ونددت ب "لا مسؤولية المجتمع الدولي" مشيرة إلى "أنه لدينا الانطباع بأن كل الذين يدعون بأنهم ديموقراطيون تخلوا عن سوريا رغم الانتهاك التام للمعاهدات الدولية واتفاق جنيف".