أكد أمير المنطقة الشرقية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، أن المملكة العربية السعودية دأبت منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، على الاهتمام بالمساجد وبنائها وترميمها وكذلك عمارتها تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وذلك انطلاقاً من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي يحثنا على ذلك، وكذلك تجسيداً للدور الحيوي والمهم للمسجد منذ عهد الإسلام الذي يشكل فيه المسجد المدرسة الحقيقية للمجتمعات وانطلاق الحضارة الاسلامية. جاء ذلك في كلمة له خلال افتتاحه، أمس، المؤتمر العالمي الأول لعمارة المساجد الذي تستضيفه جامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل في قاعة المؤتمرات الكبرى بالجامعة، وتنظمه كلية العمارة والتخطيط بالجامعة، بحضور رئيس الهيئة العليا للسياحة والتراث الوطني، رئيس مجلس أمناء جائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد، الأمير سلطان بن سلمان، ومتخصصين عالميين في مجال العمارة وعمارة المساجد وأصحاب الفضيلة والمشايخ. وعبر الأمير سعود بن نايف عن سعادته بافتتاح المؤتمر، مرحباً بالمشاركين فيه من داخل وخارج المملكة. وأضاف: «آمل أن يسهم هذا المؤتمر من خلال مخرجاته في تطوير البحوث العلمية والدراسات التطبيقية التي تساهم في ترسيخ رسالة المساجد وعمارتها بوصفها مراكز إشعاع في حياة المسلمين ومنطلقاً حقيقياً لمبادئ الوحدة والأخوة بين أفراد المجتمع مع التركيز على الموقع الجغرافي للمسجد كعنصر أساس في تنمية أواسط المدن والقرى، والأخذ في الاعتبار المحافظة على الهوية الاسلامية والنسيج العمراني». وقدم الأمير سعود بن نايف، شكره للأمير سلطان بن سلمان على رعايته واهتمامه الدائمين بالمساجد وإسهامه في عمارتها والحفاظ على تراثها الإسلامي العريق وجهوده في إظهار السياحة في المملكة وجهده البارز الذي بدأ يظهر جلياً في السياحة والاهتمام بالآثار والمساجد الأثرية على وجه التحديد، والاهتمام بإعمارها وتوفير سبل العناية بما يتوافق مع تعاليم الشريعة الإسلامية السمحاء، كما شكر مدير جامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل الدكتور عبدالله الربيش على احتضان الجامعة للمؤتمر، ولكافة منسوبي الجامعة، ولعبداللطيف الفوزان مؤسس جائزة عبداللطيف الفوزان لعمارة المساجد. من جهته، أعلن الأمير سلطان بن سلمان، عن تأسيس كرسي لعمارة المساجد في جامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل، مضيفاً أن الجامعة انطلقت لتأصيل العمران الوطني، وهي تحمل اسم الإمام عبدالرحمن المعروف عنه بعنايته بالمساجد قولاً وعملاً، وكذلك لاحتضانها المقترح الأول عام 1415ه، مقدماً شكره للأمير سعود بن نايف لتبنيه إقامة مسجد باسم الأمير فهد بن سلمان رحمه الله في الدمام. وأضاف: «نهنئ أنفسنا على إقامة هذا المؤتمر في هذه الأرض المباركة التي انطلقت منها الرسالة السماوية لأرجاء العالم، وإن أهم ما لدينا من ثروة هي ثروة الإسلام، وإن ما يجب أن نعتني به قبل بيوتنا هي المساجد، وأن نخرج من هذا المؤتمر العالمي بنتائج ملموسة قابلة للتطبيق في تطوير بناء المساجد وعمارتها وأن تكون معمورة بنياناً وإنساناً، وتؤدي رسالتها في أن يأوي إليها الناس ويتلاقون ويتسامحون في أطيب مكان على وجه الأرض». وأشار الأمير سلطان بن سلمان إلى أهمية أن تعاصر المساجد الوقت الحالي الذي أصبحت فيه الطاقة مكلفة، وأصبح دور المواطن في المسجد في العناية بالمساجد، وكذلك الدور الذي يقوم به السكان في الحفاظ على المساجد ورعايتهم لها وتداول الأمر بينهم. إلى ذلك، رحب مدير جامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل الدكتور عبدالله الربيش بأمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف، وبالأمير سلطان بن سلمان، لحضورهما افتتاح المؤتمر، مؤكداً أن تشريفهما امتداد لاهتمام الدولة بالمساجد وما تحظى به من عناية ورعاية. وقال إن المساجد ظلت وعلى امتداد التاريخ شاهداً من شواهد الحضارة الإسلامية، وشاخصاً على الدور الكبير لهذه الحضارة في تاريخ البشرية، حيث كانت في صدر الإسلام مصدر إشعاع ومراكز علمية وثقافية ودوراً للقضاء، كما كان لها دور سياسي مهم ومؤثر، مضيفاً أن الاهتمام بعمارة المساجد رغم ارتباطه بالهوية الإسلامية شكلاً ونمط بناء، فإن له أثره على الدور الوظيفي وأبعاده المختلفة. وأوضح أن الجامعة أبرمت اتفاقية مع جائزة عبداللطيف الفوزان، تضمنت بنودها إجراء المؤتمرات والندوات وعمل المسوح المعمارية لتوثيق النمط العمراني لمساجد المملكة وبناء قاعدة بيانات يمكن الرجوع إليها من قبل المهتمين، ووضع كود «معايير» لتصميم وإنشاء المساجد. وذكر أنه تم فحص الملخصات المقدمة والأوراق الكاملة للمؤتمر من خلال مراجعة مزدوجة من قبل لجنة تحكيم دولية تضم 33 أستاذاً من مختلف جامعات العالم، ووصل عدد الأوراق العلمية 125 ورقة، وتم قبول 41 ورقة بحثية، مبيناً أن أكثر من 50% من الأوراق المقبولة لباحثين دوليين، والباقي لعدد من الباحثين في الجامعات السعودية. وأبرمت الهيئة العليا للسياحة والتراث الوطني على هامش المؤتمر، اتفاقية تعاون مشترك مع جامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل ممثلة في كلية العمارة والتخطيط، تقضي بالمساهمة في ترميم وتأهيل المساجد التاريخية وإعداد الدراسات والأبحاث المتعلقة بذلك، وحصر وتوثيق المساجد التاريخية وتطوير معايير تقييم المساجد التاريخية. كما أقيم معرض بمشاركة مجموعة من الشركات المعنية بتقنية عمارة المساجد ومؤسسة الحرمين الشريفين، وعرض لمجسمات معمارية للمسجد الحرام في مكةالمكرمة والمسجد النبوي في المدينةالمنورة، وكذلك طريقة نسج كسوة الكعبة المشرفة، بالإضافة الى معرض الهيئة العليا للسياحة والتراث الوطني عن المساجد التاريخية في المملكة.