الفنان في بلادي مطلوب منه أن يرفِّه عن الناس.. مطلوب منه أحياناً أن لا يعترض ولا يناقش.. مطلوب منه أن يسعد الجميع.. مطلوب منه أن يكون بهلواناً حيناً ومهرجاً حيناً حتى يرضي أولئك المتفرجين خلف شاشاتهم المزركشة. الفنان في بلادي تكريمه باهت، يتم زج اسمه أحياناً كنوع من التكرم عليه بتكريمه لكي يُسجل في نشاط الجهة التي كرمته أنها قامت بالواجب، وأغلب التكريمات تأتي بعد وفاة المبدع. إذا استثنيت جمعية الثقافة والفنون بالدمام في تكريمها المبدعين سواء الشعراء أو الفنانين في حياتهم، فإني لم أرَ تكريماً يليق بمبدع كالذي تقوم به ثقافة الدمام. في الدورة الأولى من مهرجان أفلام السعودية تم تكريم المخرج السينمائي «عبدالله المحسين» عن مجمل أعماله السينمائية في الوقت الذي لا يكاد أحد يعرف عن المحيسن إلا المهتمون بالسينما. في الدورة الثانية تم تكريم شخصية سعودية منسية لا يعرفها جيل الآيباد والسوشل ميديا المسرحي والسينمائي «إبراهيم القاضي» الذي سافر من السعودية واستقر في الهند ليؤسس هناك مسرحاً ومركزاً إعلامياً مهماً. في الدورة الثالثة من مهرجان أفلام السعودية تم تكريم المخرج «عبدالعزيز الفريح» عن مجمل أعماله السينمائية والتليفزيونية. وكان تكريماً يليق به وبتاريخه الفني. في مهرجان المسرح الحادي عشر الذي اختُتم مؤخراً في الدمام تم تكريم الراحل «د. بكر الشدي» وكان تكريماً مشرفاً، حيث تم وسم المهرجان باسمه. والحال أيضاً في مهرجان بيت الشعر الأول، حيث تم تكريم الشاعر والأديب «محمد العلي» الذي لا يعرفه جيل اليوم من شعراء الشيلات وشعراء الصحف الرخيصة. في الدورة الثانية من مهرجان الشعر يتم تكريم رائدة من رواد الشعر الحديث، الشاعرة «فوزية أبوخالد» وتم وسم الدورة الثانية باسمها وهي التي رفضت تكريمها الباهت في ملتقى الأدباء الذي عقد في الرياض الأسبوع الماضي. فيما عدا ذلك فالتكريمات التي تحدث كما ذكرت أعلاه «باهتة» لا تليق باسم المكرَّم، يزجون اسمك مع مجموعة من الأسماء كنوع من التفضل عليك «نكرمهم كلهم ونفتك منهم»، مع الأسف هذا ما تقوم به أغلب الجهات الحكومية والمؤسسات الرسمية والأهلية في تكريم الرواد والمبدعين. في الختام، أتوقف عند تكريم الفنان ناصر القصبي الذي تم خارج بلاده في أمريكا كونه أحد الفنانين الذين حاربوا الإرهاب والتطرف.. كان الأولى أن يتم تكريمه داخل بلاده. أكرِمونا باهتمامكم بعيداً عن تكريماتكم الباهتة.