عندما بدأت الصين برنامج التحول إلى مجتمع صناعي في بداية الثمانينيات من القرن الماضي بعد معاناة لشعب تعداده تجاوز المليار ونصف المليار يعاني من ويلات الفقر والبطالة، بدأت في برنامج (الأسر المنتجة) بحيث يتم دعم الأسر في القرى والأرياف وحتى في المدن الكبيرة التي لا تتوفر فيها منشآت صناعية لإنشاء مصانع منزلية بتكلفة محدودة وأفكار قابلة للتنفيذ يتشكل من الجنسين ذكور وإناث وتتوزع بينهم المهام بعد تدريب النخبة منهم لضمان النجاح، فكانت النقلة النوعية في غضون سنوات بسيطة حتى وصل أحد منتجاتهم (صناعة الحرير) لأكثر من (70 %) من الإنتاج العالمي وتم إغراق السوق المحلي بسلع لا تعد ولا تحصى والتصدير بكثافة وبعوائد بعضها تجاوز (500 %) فأصبح أغلب أفراد المجتمع يعمل بلا كلل ولا ملل وأغلب عوائد ذلك البرنامج عاد على المواطن البسيط، وانتقلت الدولة إلى أخطبوط صناعي جذب حتى أصحاب الوكالات العالمية لوجود حرفيين يعملون بأدنى التكاليف وبإتقان عال وإنتاج كثيف. (تجربة للاسترشاد). – مجتمعنا السعودي الذي انتقل جله إلى المدن الكبيرة بحثا عن فرصة عمل مع الأسف (محدودة) فالأغلب يبحث عن القطاع الحكومي ولا توجد فيه فرص متعددة لعدم إدراكهم بالفرص المتاحة في القطاع الخاص ولضعف الحوافز المتاحة التي تجذبهم للاستثمار البسيط بإنشاء كينونات صغيرة باستراتيجية تحوُّل (مجتمع صناعي) بسيط بدعم من الهيئات الحكومية (تدريب – تمويل – إشراف) تمكنهم من الاستقرار في مسقط الرأس (مدنهم وقُرَاهُم) الأصلية والعمل بالإنتاج المتدرج باستغلال قدراتهم والإمكانات المتوفرة، فحسب تقرير الهيئة العامة للإحصاء الصادر مؤخرا يوجد أكثر من (7.8) مليون خارج قوة العمل أعمارهم أكثر من 15 سنة والعنصر النسائي يتجاوز ال 5 ملايين تقريبا. من التقرير يمكننا أن نركز على (3 ملايين) تقريبا عنصر من الجنسين خارج المدن المتطورة لمدة في مرحلتها الأولية تتراوح ما بين (10 – 15) سنة لتوطين سكان تلك القرى والأرياف في مواقعهم واستعادة جزء كبير ممن رحل للمدن الكبرى بحثا عن الرزق وعانى ولم يجد ما يغطي به مصاريفه وأسرته وأحدثوا تكدسا سكانيا عانت منه كافة الجهات لاستيعاب متطلباتهم واحتياجاتهم، الخطة تتطلب فتح ملف إنشاء ال (20 مدينة صناعية) في بعض أقاليم المملكة التي نبتت فكرتها في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله ولم تر النور، يضاف لذلك خلق تنمية مستدامة عبر دعم إنشاء مصانع متناهية الصغر لكل مُجمع قروي أو ريفي يضُم في دائرته ما لا يقل عن (10 آلاف) من السكان ليقوم بإنتاج سلعة واحدة لكل مصنع حسب الإمكانات المتوفرة والعمل على استقطاب وتدريب الكفاءات المؤهلة والجاهزة للعمل (700 آلاف) جامعي عاطل بحيث يستفاد منهم وإسناد الإشراف على إدارة تلك المصانع وتأهيل العاملين للعمل بنظام الورديات البسيطة (4 – 6) ساعات تقريبا وبأسلوب مريح محبب وجاذب للعمل وبدخل معقول واقتسام نسبة من العائد من منتوجاتهم لتنمية روح الولاء والإخلاص، وهنا نكون بدأنا نعمل ونتعود على الإنتاج ولذة المردود في بيئة مريحة ومن خلال الإقامة في الموطن الأصلي بدلا من البحث عن الأوهام في عش الدبابير، وبعد ذلك يتم التسويق محلياً وتشجيع المنتجات المحلية بفتح منافذ تسويقية متعددة في مناطق المملكة لخلق اكتفاء ذاتي وتشجيع التنمية المحلية وهذا سيحد من الاستيراد الشامل لكل احتياجاتنا من الخارج وتوفير المليارات المهاجرة شرقا وغربا تجوب الكرة الأرضية لإيداعها في حسابات من يخطط بأن نكون بوابتهم التسويقية الأولى، كل ذلك نبصره ونحن رافعون رايات الاستسلام وعاجزون للتصدي لهم بما يتوفر لنا من قدرات معطلة، حان الوقت بأن نشمر سواعدنا ونعلنها (أسرا منتجة) تُقبل على العمل بإخلاص وحماس لخلق بيئة صناعية لسلع ذات جودة عالية بأقل التكاليف وأعلى مردود ولنستمتع بحياتنا وتسر خواطرنا وتتعزز مكانتنا بين دول رأت منا مجتمعا متقاعسا واتكاليا لا يحب الالتزامات ولا يجيد العمل فقط يستهلك ويعيش غفوة المترفين وتغلغل الفوضوية.