رحل فقيدنا الغالي، وفقيد الأسرة التعليمية بالشرقية وأحد زعمائها المخلصين، حيث ووري جثمانه الثرى الإثنين الموافق 16 محرم 1438ه واكتظت جموع المعزين أروقة جامع الملك خالد بأم الحمام في الرياض ومقبرة الدرعية فرادًا وجماعات والكل منهم يعزي الآخر قبل أن يعزي أسرته الكريمة، نعم أيها الشيخ الجليل لقد أحببت الناس بتواضعك وزهدك وخلقك، ونلت محبة ودعاء الجميع تشرفت في عام 1405هجرية بعملي مديراً لمكتب سعادته – وهي بداية خدماتي بالدولة – عندما كان مديراً عاماً لتعليم البنات بالشرقية ولا أنسى أول مقابلتي مع سعادته وكنت شاباً حديث التخرج من الثانوية العامة فكانت أسئلته لي – رحمه الله- (هل تصلي الفجر ياولدي؟ عسى ماتشرب الدخان؟ واختتم أسئلته عن كيفية تعاملي مع والدي وأصدقاء الدراسة) عملت تحت مظلته مايقارب (ربع قرن) فتعلمت منه كثيراً، كان أديباً ماهراً، ومتحدثاً بليغاً، وقائداً ملهماً، محباً لعمله، منفذاً للنظام، عاشقاً للإبداع، مستمعاً لمتطلبات المستفيدين، ورعاً بعلمه، زاهداً بحياته، كان أوقات الصلاة ينادى أثناء سيره للمسجد (الصلاة) يتفقد من صلى ويسأل من تأخر عنها، لا ننسى كلماته المؤثرة لنا جميعاً عند اللقاءات أو المناسبات التي يحرص على التذكير بالولاء للوطن الغالي وقيادته الرشيدة، وخدمة المستفيدين بكل رحابة صدر، ويؤكد في الوقت نفسه على وجوب إقامة العلاقة الحميمية بين الزملاء أنفسهم، وتحققت على يديه إبان مدة قيادته لتعليم البنات بالشرقية التي تجاوزت ثلاثين عاماً كثيراً من المشاريع المدرسية العملاقة، وانتشرت المباني المدرسية، ودخلت التقنيات الحديثة، وأمنت وسائل النقل الحديثة حتى أصبح تعليم الفتاة ولله الحمد حاضراً بكل قرية وهجرة بالشرقية كان الفقيد عضواً فاعلاً بأغلب الأنشطة التي كلّف بها ومنها عضوا بجائزة سمو الأمير محمد بن فهد للتفوق العلمي منذ تأسيسها ومسؤولاً عن النواحي المالية بها. وكذلك رئيساً لعديد من لجان التعاقد بالخارج. «وكنت ممن كلف وتشرف مع سعادته بهاتين المهمتين» وغيرهما كثيراً. إنها قصة طويلة عشتها وتعايشت معها، وكنت شاهداً على تلك المرحلة التي حملت بطياتها رحلة كفاح وجهاد قادها المربي شيخنا المسيند بكل تفانٍ واقتدار، فهذا فيض من غيض، سردت قليلها وطافني كثيرها، وداعاً أباً «عبدالرحمن» فلن ننساك نحن وأجيال زمانك، ورفقاء دربك، من خالص الدعاء، واستلهام الصفات فعزاؤنا الوحيد بهذا الإرث العظيم الذي سيتناقله كثير من الأجيال الواعدة عبر مر الأزمان، وواجب علينا أن نستذكر هنا رفيق دربه، وعضيده المخلص، وخلفه بعد التعاقد في القيادة الشيخ صالح بن عبدالعزيز التويجري «أطال الله بعمره» الذي تقاسم معه خلال تلك الحقبة الطويلة الإنجازات العظيمة، والأعمال الجليلة، فكانا كالظل لبعضهما في التناصح، والتشاور، وأداء الأمانة على الوجه المطلوب نسأل الله أن يتغمد فقيدنا بمغفرته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهمنا وأهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.