تلقَّى العالم بفتور انتخاب الملياردير الأمريكي دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة أمس، فيما رحَّب اليمين المتطرف في المقابل ببداية عصر جديد. وقال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، إن فوز ترامب «لا يسرني»، لكنه «الرئيس المنتخب بحرية للولايات المتحدة» وله الحق في أن «نعطيه فرصة». يعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعاً خاصاً الأحد عقب فوز دونالد ترامب برئاسة الولاياتالمتحدة، بحسب ما أفاد دبلوماسي ألماني أمس. وقال مصدر في الخارجية الألمانية، إن الوزير فرانك فالتر شتاينماير «يرحب بعقد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الأحد». وسيجري الاجتماع في بروكسل، حيث يعقد وزراء خارجية دول الاتحاد ال28 اجتماعهم المعتاد الإثنين. وحذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من «مرحلة من الغموض» مع انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة، داعياً إلى وحدة صف أوروبية. وبعدما كان الرئيس الفرنسي الاشتراكي ندَّد ب «تجاوزات» المرشح الجمهوري، «هنأه» رسمياً «كما هو طبيعي بين رئيسَي دولتين ديمقراطيتين»، في تصريح مقتضب من قصر الإليزيه. لكنه حذَّر عن «غموض» يحيط ب «السلام» و»مكافحة الإرهاب» و»الوضع في الشرق الأوسط» و»العلاقات الاقتصادية» و»حماية الأرض»، في إشارة إلى اتفاق باريس حول المناخ الذي توعَّد دونالد ترامب مراراً بالانسحاب منه. وحذرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، الرئيس ترامب أمس بأن «التعاون الوثيق» بين البلدين في المستقبل يجب أن يقوم على القيم الديمقراطية المشتركة، وذكَّرته ب»مسؤوليته» على المستوى العالمي. وقالت ميركل إن «ألمانياوأمريكا تشتركان في قيم الديمقراطية والحرية واحترام حكم القانون وكرامة الإنسان بغض النظر عن لون بشرته أو دينه أو جنسه أو ميوله الجنسية أو قناعاته السياسية». وهنأت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ترامب على انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، متوقعة الحفاظ على العلاقات القوية التي تربط بين البلدين. وقالت ماي في بيان، إن «بريطانياوالولاياتالمتحدة تقيمان علاقة خاصة وطويلة تستند على أساس قيم الحرية والديمقراطية». وأضافت «نحن شريكان متينان وسنبقى كذلك في مجال التجارة والأمن والدفاع». وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن موسكو مستعدة للمساهمة في إعادة بناء العلاقات مع الولاياتالمتحدة في ظل رئاسة الجمهوري المنتخب دونالد ترامب. وصرَّح بوتين في كلمة أمام عدد من السفراء في الكرملين «سمعنا تصريحات قبل الانتخابات من ترامب بشأن إعادة بناء العلاقات بين روسياوالولاياتالمتحدة». وقال «نحن ندرك أن الطريق سيكون صعباً، نظراً إلى تدهور العلاقات المؤسف»، مضيفاً «ولكن روسيا مستعدة وراغبة في إعادة العلاقات الكاملة مع الولاياتالمتحدة». وفي مختلف أنحاء العالم من آسيا وأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، سادت مشاعر الحذر والتساؤلات التي شابها القلق في معظم الأحيان. ويعتبر وصول الملياردير الشعبوي الذي لا يملك أي خبرة سياسية إلى البيت الأبيض بشكل فعلي في نهاية يناير «قفزة في المجهول». وقالت الناشطة الإندونيسية أليجاه ديتي «أنا خائفة، هل ستندلع مزيد من الحروب؟ هل ستهاجم أمريكا المسلمين؟» في تصريحات تعكس مشاعر الخوف في العالم الإسلامي. أما الأسواق المالية التي تتوجس على الدوام من المجهول، فسجلت تراجعاً كبيراً، حيث خسرت بورصة طوكيو على سبيل المثال 5,3% عند الإغلاق، فيما هبط الدولار والبيزو المكسيكي إلى أدنى مستويات تاريخية. في المقابل سجلت الأسواق الروسية ارتفاعاً، حيث إن ترامب أبدى في الماضي تأييده لتحسن العلاقات بين البلدين. وعلى غرار نظيره الصيني شي جينبينغ، هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترامب متحدثاً عن أفق «حوار بنّاء». وقالت زعيمة الجبهة الوطنية في فرنسا مارين لوبن، إن «انتخاب دونالد ترامب خبر سار بالنسبة لبلادنا»، وأضافت أن رفض «العولمة المتفلتة، والهدوء في العلاقات الدولية وخصوصاً مع روسيا، والانسحاب من الحملات الحربية، وهي سبب موجات الهجرة الكبيرة التي نحن من ضحاياها، هذه التعهدات إذا تم الالتزام بها فستكون مفيدة لفرنسا». وتتوقع استطلاعات الرأي أن تتأهل لوبن للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، لكنها ستواجه هزيمة في الدورة النهائية، بمواجهة مرشح من اليمين على ما يبدو. وفي آسيا التي أعطاها الرئيس الأمريكي باراك أوباما مكانة خاصة في السياسة الخارجية الأمريكية، ظهرت مخاوف بشكل خاص على الاقتصاد. وقالت كلاريتا كارلوس أستاذة العلوم السياسية في جامعة الفلبين، «في ظل العولمة، إذا بدأت الولاياتالمتحدة التي تعتبر محرك الاقتصاد العالمي في بناء جدران فهذا لا يمكن إلا أن يسيء إلى الاقتصاد العالمي». واعتبر لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، أن التحالف بين البلدين سيبقى ثابتاً لأن منطقة آسيا والمحيط الهادئ «تشكل قوة محركة للاقتصاد العالمي». وفي رد فعل أكثر تشكيكاً، دعت السلطة الفلسطينية ترامب إلى عدم إهمال الشرق الأوسط. وقالت «سنتعامل مع الإدارة الأمريكية على أساس أنه من دون حل القضية الفلسطينية فإن حالة عدم الاستقرار في المنطقة والعالم ستتواصل». من جهته، هنأ رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ترامب على فوزه المفاجئ، قائلاً إنه يتطلع «للعمل معه عن كثب». وأكد أن «كندا ليس لديها صديق وشريك وحليف أقرب من الولاياتالمتحدة». كما هنأ الرئيس الصيني شي جينبينغ، الجمهوري دونالد ترامب، وقال إنه يتطلع إلى العمل معه. عرضت المرشحة الديمقراطية الخاسرة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية هيلاري كلينتون، أمس، العمل مع خصمها الجمهوري الفائز دونالد ترامب، متمنية له التوفيق. وقالت كلينتون بتأثر واضح «آمُل أن ينجح بوصفه رئيساً لجميع الأمريكيين»، لكنها اعتبرت أن هذه الانتخابات أظهرت أن الولاياتالمتحدة «منقسمة أكثر مما كنا نعتقد». وأضافت أن على الأمريكيين أن يتحلوا ب «انفتاح» حيال ترامب، وأن «يمنحوه فرصته لإدارة» البلاد. وهي المرة الأولى التي تتحدث فيها كلينتون علناً منذ إعلان خسارتها. وكلينتون ظهرت في قاعة بأحد فنادق مانهاتن، غير بعيدة من المكان الذي كانت ستحتفل فيه بفوزها لو تحقق لها ذلك. واعتبرت أيضاً أن الانتقال السلمي للحكم «قيمته مقدسة» في الديمقراطية الأمريكية. وعلَّق أحد المسؤولين الإعلاميين في فريق ترامب على موقع (تويتر) «خطاب مهم لهيلاري كلينتون. مرحلة مهمة لإعادة توحيد البلاد».