هناك حيث الكرب العظيم.. هناك حيث ترى الناس سكارى وما هم بسكارى.. هناك حيث العري والذل والهم.. هناك في أرض المحشر يفزع الناس إلى أولي العزم من الرسل ليقضي الله في أمرهم بأي أمر كان، حتى يتخلصوا مما هم فيه من الضعف والهوان.. فلم يعد هناك أمر يجلب الاهتمام، إلا ما هو المصير في الأمام.. فينتهي بالناس في أرض المحشر إلى الرحمة المهداة، والشفيع المشفع، فيقولون يا رسول الله: أنت حبيب الله وخليله، ادعُ الله أن يقضي في أمرنا.. لم يعد لدينا صبر.. ولا نجاة ولا مفر.. وهنا يقوم رسول الله وهو الذي ينظر إلى أهل المحشر وهم يغدون شمالا وجنوبا وشرقا وغربا يسألون ويبحثون عن الأنبياء يطلبون منهم أن يدعوا الله بأن يقضي فيهم بحكمه، كل نبي يدفعها إلى غيره ويقول نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري، حتى ينتهي بهم المسير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجيبهم على سؤلهم: أنا لها.. أنا لها فيأتي تحت عرش الرحمن ويسجد ليحمد الله على ما أعطاه من نعم ومن فضل، ولقد فتح الله عليه من المحامد والثناء ما لم يفتح عليه من قبل، وبعدها يُنادى من الجليل جل شأنه وتقدست أسمائه: «قم يا محمد وسل تعطَ واشفع تُشفّع» هي دعوة وباب الإجابة مفتوح.. وانظر لهذا الموقف الرهيب والعجيب.. لم يسأل لأمه التي لم تبلغ فيه.. ولم يسأل لأبيه الذي لم يره.. ولم يسأل لنفسه.. بل كان همه همكم يا ناس رغم نجاته.. كانت حاجته حاجتكم رغم أن بعضكم كان يحب غيره.. كان مطلبه مطلبكم رغم اتباعكم لمطالب أهوائكم عن أوامره.. والملائكة تنتظر ومستعدة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد تنفيذها لأمر الله لها بما يطلب، والناس في أرض المحشر ينتظرون وينظرون ماذا سيطلب محمد صلى الله عليه وسلم من ربه، فيقول رسول الله لربه: يا ربي «أمتي.. أمتي..» ألا يستحق هذا النبي الذي كان همه همنا، وغايته نجاتنا، أن نتبع سنته، وننصره حتى على أنفسنا، وأن نخصه بدعاء في كل حين، ولو بعد كل أذان لتحل شفاعته لنا؟ فيرضى الله عنا ويرضينا، بدعاء الحبيب له فينا؟.