الأغنية الشهيرة للفنان التونسي لطفي بو شناق (خذوا المناصب والمكاسب لكن خلو لي الوطن)، نعم، إنها أغنية معبرة جداً خاصة من خلال إلقاء الفنان بو شناق الجميل والمؤثر، وذلك لما تحمله هذه الأغنية من هموم المواطن العربي وحبه وعشقه إلى وطنه. الوطن للجميع ولا مزايدة عليه، ومن يحاول أن يزايد على وطننا فسوف يقف الجميع ضده، ويوقفه عند حده، فمهما اختلفنا في وجهات النظر يجب علينا التروي في الرد وعدم التشنج أو استخدام لغة الإقصاء والأحادية في الرأي، وكما قرأنا وشاهدنا بعض الرسائل والمقالات أو التدوينات التي جاءت بعد المقابلة الشهيرة لوزير المالية ووزير الخدمة المدنية ونائب وزير التخطيط يوم الأربعاء الماضي في برنامج الثامنة مع داود الشريان، فكل أدلى برأيه، ولعلي أطرح شيئاً يضيف لما تم طرحه ومناقشته سواء عبر قنوات التواصل الاجتماعي خاصة «تويتر» أو عبر مقالات وأعمدة الرأي في الصحف التي كتبت في حينه وسوف يكون مقالي على ثلاث ركائز، الأولى منها: لماذا لم يتم خروج الوزراء عبر القناة السعودية الأولى وهي القناة الرسمية؟ لأن خروجهم في هذه القناة سوف يتم اختيار مقدم متخصص في الاقتصاد والإدارة مثل «طلعت حافظ» ليكون محترفاً في صياغة الأسئلة التي يتم توجيهها إلى الضيوف، كذلك يعطي ذلك قيمة إضافية لقناتنا السعودية ودعما كبيرا لها، ثانياً: استشهد وزير الخدمة المدنية بدراسة استطلاعية عن مدة العمل اليومي للموظف السعودي وهي «ساعة واحدة في اليوم» وهذا أمر ربما يكون صحيحاً في بعض القطاعات المتكدسة بالموظفين، ولكن التعميم صعب جداً في هذا القياس غير المنطقي، ولكن لو وضع نسبة معينة لربما خفف من شدة الانتقادات التي طالته بعد المقابلة، كما أن الاعتماد على مثل هذه الدراسات يُعد خطأ كبيراً، لأن الدراسات الاستطلاعية عادة تعتمد نتائجها على الشريحة المستهدفة التي تم التوزيع عليها، وهل تم تقسيم الشريحة بطريقة صحيحة حتى تكون النتائج عادلة نوعاً ما، فهناك مراكز للدراسات تستطيع تحويل نتاج الدراسة إلى ما تريد، وهذا يُعد خطأ منهجياً كبيراً، فمثلاً لو أردنا عمل دراسة عن قيادة المرأة للسيارة ونحن نريد الرفض نتوجه إلى الشريحة التي ترفض هذه الأفكار، وإذا أردنا أن تكون النتيجة إيجابيتها عالية نتوجه للشريجة المنفتحة التي لا تمانع من قيادة المرأة، وبذلك تكون النتائج صحيحة ولكنها غير عادلة ومنصفة، فالدراسات عادة لا تكشف سوى 80 % أو أقل من الحقائق المتوقعة، وهذا الكشف الذي اعترف به الوزير يجب عليه وضع إستراتيجيات وخطط لمعالجته وبشكل سريع، والبحث عن الخلل في تلك الأجهزة والبحث عن محفزات تحفز الموظفين للعطاء والإنتاجية، كذلك ذكر أيضاً أن هناك دراسة لبعض البدلات التي قطعت سوف ترجع لأصحابها المستحقين، فالأولى أن تبقى تلك البدلات من دون المساس بها لحين الانتهاء الدراسة ومن ثم اتخاذ القرار في قطعها أو إبقائها. ثالثاً: فيما ذهب إليه نائب وزير التخطيط برغم إعجابي الكبير به وبمنطقه وحواره، إلا أنه لم يكن على صواب عندما أجاب على سؤال داود فيما يخص بإفلاس الدولة فيما إذا لم تتخذ مثل هذه القرارات، وهذا من وجهة نظري أن الإجابة الفاصلة تكون لدى وزير المالية الماثل أمامهم، لأنه هو الذي يستطيع الفصل في مثل هذا الأمر، وأود أن أضيف بأن مسألة إعلان إفلاس الدولة بهذه السهولة أمر في غاية الخطورة خاصة على أصحاب الأموال والشركات الأجنبية التي تريد الدخول في السوق السعودي، ربما يحدث الذعر والخوف من مثل هذه التصريحات، وأين الفطنة والحنكة في معالجة مثل هذه الأمور لو كانت صحيحة لا قدر الله، ومع احترامي لما ذكره نائب الوزير فأقول إن المملكة عندما أعلنت بالأمس القريب قرضا بما قيمته 17 مليار دولار تقدمت إليها جهات مالية عالمية من كل مكان حتى وصلت العروض المقدمة إلى المملكة حوالي 67 مليار دولار، فهذا يكشف لنا قوة ومتانة الاقتصاد السعودي ولله الحمد، ولا يمكن لهذه الجهات أن تتقدم للمملكة وهي تشك مجرد الشك بأن اقتصادنا مهزوز أو ضعيف، ولكن ربما مثل هذه التصريحات تكون تبريراً لما تم تطبيقه في الآونة السابقة، وأقول: إن مجتمعنا بتنوع أطيافه مستعد للتضحية من أجل وطنه ومستعد لتقديم كل مايملك لأجل وطنه، فهو ليس بحاجة إلى تبريرات قد تكون مكلفة على المواطن والوطن. ختاماً أتمنى أن تكون هذه التعديلات التي جرت مؤخراً مؤقتة إلى فترة زمنية قريبة وتعود البدلات والحوافز إلى الموظفين مرة أخرى، ويعود الخير إلى كل بيت مواطن ومواطنة.