كثيراً ما يواجهني هذا السؤال من المعارف والأصدقاء والأقارب بحكم المهنة التي أزاولها، سؤال يتكرر في المناسبات العائلية وفي المكالمات الهاتفية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي كذلك، ما هي أفضل عيادة لعلاج الأسنان؟ و من هو الطبيب الذي تنصح به؟. لابد أنك عزيزي القارئ تملك ذات التساؤلات، وربما مررت بتجارب غير سارة مع أطباء الأسنان من قبل. وقد تكون أصبحت من حزب الساخطين على أطباء الأسنان! حسناً، لن تجد حلاً سحرياً في هذه السطور، لكن سأشرح لك باختصار سبب الحيرة التي تشعر بها، وبعض النصائح التي قد تساعدك في الخروج من تلك الحيرة. المشكلة الأساسية التي تواجهك كمراجع لعيادات الأسنان هي أنك لاتستطيع الحكم على جودة العلاج الذي طلبته ودفعت قيمته، فبخلاف التخصصات الطبية الأخرى التي تستطيع أن تقيس فيها مدى تحسنك بعد زيارة الطبيب، فحرقة والتهاب العين وضعف البصر تخف وتزول بعد معاينة طبيب جيد، لكن الأمر في طب الأسنان مختلف، فرغم تعقيد تخصصات طب الأسنان ودقتها، وتطلبها كثيراً من الخطوات الدقيقة في التنفيذ لكنك لا تشعر بذلك ولا تستطيع أن تعرف إذا كان الطبيب قد اتبع الخطوات الصحيحة في علاجك أو تجاهلها. كل ما تستطيع أن تحكم عليه كمراجع عند طبيب الأسنان هو زوال الألم والحصول على شكل ابتسامة أجمل، فإذا تمكن الطبيب من إزالة ألمك في وقت قصير ومنحك ابتسامة بيضاء ناصعة فهو الطبيب المثالي من وجهة نظرك، لكنك لا تستطيع أن تعرف إن كان الطبيب قد استخدم لك مواد طبية موثوقة أو لا، ولا تستطيع أن تعرف إن كان قد اتبع كافة الخطوات العلاجية التي تضمن سلامة الأسنان وعدم عودة المشكلة بإذن الله، ولا تعرف كذلك إن كان قد استخدم في علاجك مواد ذات جودة عالية وعمر طويل أو مواد ذات سعر رخيص وجودة منخفضة. مع الأسف لن تلفت نظرك تلك التساؤلات ولن تثير فضولك مادمت قد تخلصت من الألم المزعج، وربما لن يخطر في ذهنك أن المضاعفات التي ستطرأ على أسنانك التي عالجتها بعد أسابيع أو أشهر هي بسبب مشكلة في العلاج الذي تلقيته من قبل وكنت سعيداً به؟ مع الأسف فإن وجود عيادات خاصة تقدم علاجا بجودة منخفضة بل علاجا مضرا وسيئا أصبحت ظاهرة منتشرة ولذلك أسباب كثيرة ليس هذا مقام تعدادها. ماهو الحل إذن؟ يفترض في البداية أن يأتي الحل من الجهات الرسمية ولكن وحتى تعود الجهات الرسمية لتمارس دورها سأخبرك ببعض الأفكار التي قد تكون مفيدة لك. طب الأسنان مثل باقي فروع الطب الأخرى، هناك أكثر من عشرة تخصصات دقيقة في طب الأسنان. وهناك الطبيب العام والاختصاصي والطبيب الاستشاري، لذلك اسأل أولاً عن طبيبك وتصنيفه المهني في هيئة التخصصات الصحية. تذكر أن هناك أنواعا من العلاج يمنع أن يمارسها إلا طبيب متخصص ولديه رخصة خاصة بمزاولة هذا النوع من العلاج كتقويم الأسنان و زراعة الأسنان. تأكد قبل أن تبدأ العلاج أن طبيبك متخصص في هذا الفرع ولديه تصنيف مهني يسمح له بذلك (مع الأسف هناك كثير من الأطباء يمارسون هذه التخصصات دون تأهيل أو ترخيص). كلما زادت حالتك تعقيداً (وتكلفة) كان من الأفضل أن يباشرها طبيب متخصص في ذات الفرع، على سبيل المثال: إن كنت تنوي عمل تركيبات لأسنان متعددة أو أسنان أمامية فابحث عن طبيب متخصص في التركيبات وليس طبيب أسنان عام. وإذا أخبرك الطبيب أن لديك مشكلة في اللثة وتحتاج تدخلاً فالأفضل أن تبحث عن طبيب متخصص في أمراض اللثة وهكذا. لا تكتفي بتزكية أصدقاء قدامى للطبيب أو العيادة، قم بالتحقق بنفسك من اسم الطبيب وتخصصه ودرجة تصنيفه المهني، يفترض حسب النظام أن تكون رخصة الطبيب وتصنيفه معلقة في مكان بارز في العيادة. لا تبدأ العلاج في نفس الزيارة، دع الطبيب يشرح لك خطوات العمل، والتكلفة، والضمان على العلاج. اذهب واقرأ عن نوع العلاج واسمه، ابحث في الإنترنت واليوتيوب عن خطوات ومراحل العلاج، استشر أطباء معروفين يقدمون المشورة عبر الإنترنت أو بشكل شخصي. قبل أن تبدأ العلاج لا تخجل من السؤال عن إجراءات مكافحة العدوى، تأكد أن كل الأدوات التي تستخدم يتم تعقيمها وفتح غلافها أمامك مالم تكن من ذات الاستخدام الواحد. بعد أن تنتهي من العلاج اطلب تقريراً تفصيلياً عن العلاج الذي أجري لك خصوصاً لو كان يتضمن زراعة للأسنان، أو تقويماً أو تركيبات خزفية. اطلب من الطبيب أن يحدد نوع المواد المستخدمة ومقاساتها في حالة الزراعة. واحتفظ بنسخة من صور الأشعة والإيصالات التي دفعتها خلال فترة العلاج.