عندما كنا صغارا كان موضوع انتقالنا من مدرستنا إلى مدرسة أخرى من المواضيع المحزنة بالنسبة إلينا وكأننا سنهاجر إلى خارج أوطاننا، كانت فكرة الالتقاء بمعلمين وزملاء جدد ترعبنا، وبعد الانتقال كانت النتيجة إما البكاء أو الهدوء المصاحب بالحزن. ننتقل من مرحلة إلى أخرى وذلك الشعور لا يرحل عنا، نصبح كباراً لكن الحال كما هو لم يتغير، فكرة التوظيف مخيفة، وفكرة الانتقال إلى مكان عمل آخر أيضا غير محبذة، والنتيجة الطبيعية إما الراحة أو الاستياء. تتغير حياتنا من آن إلى آخر، إما إلى الأفضل أو الأسوأ، فهي لا تبقى على حالها أبدا، هذا التغيير في حد ذاته أمر يثير مشاعرنا، فنحن إما أن نحب هذا التغيير أو لا. وفي كلتا الحالتين من الضروري أن نتكيف مع الوضع الجديد. التكيف أن يتلاءم الفرد مع حياته وهذا هو المعنى الشائع لكلمة «تكيف»، وهي عملية تبادلية بين الفرد وحياته أي أن الفرد يؤثر ويتأثر بحياته، وأيضا من الضروري أن يبذل الفرد ما يستطيع للوصول إلى التوافق والانسجام مع حياته. عندما يصل الفرد إلى حالة التوافق هذا يعني أنه أصبح أكثر قدرة في الحصول على حاجاته والوصول إلى أهدافه واجتياز الصعوبات والتغلب عليها، إن التكيف الناجح يؤدي إلى التوافق، لكن هذا الفرد المتكيف ليس بالضرورة أن يكون متوافقا أيضا، فالفرد المتكيف غير المتوافق، هو الذي يتصرف وفق ما يرضي المجتمع وليس ما يرضيه. أن يتقبل الفرد ذاته ويكون قادرا على إدراك الواقع يصبح بذلك فردا متكيفا، هذا الفرد صاحب شخصية متكاملة بعيدة عن القلق والصراعات، يمكنه التعبير عن نفسه بأفضل ما لديه من قدرات، واثق من نفسه، مرن في تحمل المسؤوليات، ولديه من الصحة الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية التي تجعله قادرا على مواجهة مشكلات الحياة.