التجارة نشاطٌ سامٍ، يُنعش الدول، يثري أصحابه مادياً و معنوياً، ويقدم الفرص لأبناء المجتمع. ولهذا النشاط أسس وقواعد بعضها يُدرَّس في الجامعات في أقسام الإدارة وبعضها نصَّت عليه كتب الاقتصاد الحديثة، ومن أبرز هذه القواعد: «العميل دائماً على حق»، قاعدة تتبعها أكبر وأنجح المؤسسات التجارية وأكثرها ربحا؛ لذلك هي دائماً متطورة، رائدة ورابحة؛ لأنها تبحث عن رضا العميل الذي ما إن يحصل، حتى يسير كل شيء لصالح التاجر. حين يرضا العميل فإنه سيشتري، سيُعجب بما اشتراه، سيعود، سيثق في إنتاج الشركة، وسيصبح عميلا دائماً ووفياً حتى وإن ظهر للشركة منافسون. هذا المفهوم أو هذه القاعدة تلقى التجاهل من بعض تجارنا، يتجلى ذلك في معاملة الموظفين للعملاء، ومدى جودة المنتجات، ومستوى الخدمات المقدمة قبل وأثناء وبعد الشراء. سأذكر أمثلة تغنيني عن الإسهاب بالمعلومات العامة المملة التي لا تلمس العميل والتاجر. - في مدينة الخبر يوجد مطعم كل ما هو في قائمته لذيذ جدا، لكن الموظفين غير بشوشين، وما إن يقارب وقت إغلاق المطعم حتى يبدأوا بالوقوف على رأسك والإلحاح بسؤالك إن كنت انتهيت من هذا الطبق أم من ذاك الكأس. أين تدريب الموظفين على كسب رضا العميل؟؟ - في بوتيك شهير جداً في مدينة الرياض، تذهب عميلة بحقيبتها طالبة حلاً لمشكلة حدثت ليس لها علاقة بسوء الاستخدام، لتُفاجأ بالرد: يمكنك إصلاحها في محلات التصليح، رغم أن هذا الاسم التجاري في البلد الأم وفي بلدان العالم الأول تستبدل لك الحقيبة أو تصلحها لك من قبل المختصين لديهم. أين تطبيق سياسة البيع والخدمات العالمية؟؟ أم إن العميل السعودي يجهلها؛ لذا فهو ليس أهلاً بأن يحظى بها؟؟ - في أحد الشاليهات على شاطئ نصف القمر، يتم التشديد على الزيارات للمستأجر وإحراجه مع ضيوفه. أين أساليب الترحيب التي تحبب الزوار في المكان وتجعلهم يكررون الزيارة؟؟ حاجة التاجر للعميل أكبر من حاجة العميل للتاجر؛ لأن العميل سيجد البدائل للمنتج والخدمة وربما المكان لاسيما بوجود التسوق الإلكتروني وكثرة السفر. أما التاجر فإن كل عميل يخسره أو يخسر رضاه وثقته، سيشكل ذلك خسارة فعلية؛ لأنه بكل بساطة لن يعود بل وقد يسحب معه عملاء آخرين. وهذا ما يجب أن يدركه التاجر الذي قلب قاعدة «العميل دائماً على حق» إلى «التاجر دائماً على ربح» سواء رضي العميل أم لم يرضَ!. ختاماً، رسالة للتجار: أصبحنا أكثر وعياً من السابق، وأكثر معرفة بحقوقنا، وأكثر إدراكا لأهمية صرف ميزانياتنا فيما يستحق فعلاً من ناحية الجودة والخدمة، ضعوا هذه القناعة شعاراً لكم.