كادت برامج هيئة الترفيه أن تُجهَض وتُلاقي مصيرها كما لاقت أخواتها من قبل، من قِبل التيار المُتشدد، الذي «لا يألو» جُهداً في اغتيال و»وأد» الأفكار النيّرة والبرامج والأهداف التي من شأنها تعزيز اللُّحمة الوطنية والمُشاركة في البناء والتنمية..! هذا التيار الذي فقد جُزءاً كبيراً من صلاحياته مُؤخراً بسبب الإصلاحات الاجتماعية والقرارات الأخيرة التي تصُب في مصلحة الوطن والمواطن وانطلاق رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 يسعى بكل ما أُوتي من قوة ودهاء وخطط وخبرات إلى استعادة أمجاده والعودة إلى المُربع الأول، حيث هيبة رجال الدين وأصحاب اللحى والأثواب القصيرة وراكبي السيارات البيضاء تحمل شعارهم مُعلنة القدوم، وأصواتهم المُرتفعة في الطُّرقات والأسواق و»المُولات»، وإشباع هواياتهم ورغباتهم، وتنفيذ أجندتهم في مطاردة الناس وزرع الرُّعب في قلوب الأُسر وجعلها تخاف من هؤلاء وتحسب لهم ألف ألف حساب، وتنصاع لأوامرهم، وتكون ذليلة «خانعة» لأوامرهم ومُتطلباتهم، كُل هذه المزايا ذهبت أدراج الرياح ولم يبقَ إلا الصحيح، أن تكون رجل حُسبة وموظفاً رسميّاً في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فعليك حقوق ولك واجبات، وهُناك أنظمة تُجبرك على اتباعها وعدم تجاوزها ولك مرجع تعود إليه في حالات عديدة وقضايا تمر بها وليست الأمور كما كانت عليه «خذوه فغلّوه..!». تغيرت الأحوال وانطلق المجتمع السعودي باحثاً عن جيل جديد بثقافة جديدة يحترم الآخر والمال العام، ولديه ثوابت دينية لا تتزعزع يفتخر بها وبتعاليم الدين الإسلامي السمحة ولديه عادات وتقاليد يعتز بها ويُطبقها دون إكراه من الآخر ودون فرض الوصاية التي مارسها ذلك التيار سنوات عدة وفرض على المجتمع السعودي فيها قيوداً ما أنزل الله بها من سلطان..! نحنُ في زمن التغيرات الاجتماعية الإيجابية للمجتمع السعودي «مُجتمع يتطلّع إلى العالمية في كل شيء»، أهمها أن يكون مُجتمعاً واعياً يعرف كيف يتعامل مع الأحداث، ومُجتمعاً واعياً لما هي عليه المهرجانات والعروض المُقدمة له.. مُجتمعاً يعي ويسعى إلى أن تكون استثماراته وأمواله في الداخل، وأن لا تكون خارج الوطن، مُجتمعاً يسعى إلى أن يكون في مصاف دول العالم في الإنتاجية والعمل، نعم نحنُ مُجتمع بدائي في هذه الأمور ونتطلع إلى أن تختفي هذه الكلمات من قواميسنا ونكون مُجتمعاً خطا خطوات إلى الأمام ولا وصاية من تيار يسعى إلى تخاذل الأُمة ونقصانها وجعلها تتقوقع في مُربع لا يُغني ولا يُسمن من جوع، اللهم إلا مزيداً من التخلّف والانقطاع عن الآخر وعدم مُعايشة الآخرين في تطوراتهم وقفزاتهم الهائلة في التقدم العلمي والتكنولوجي، وخطواتهم الإيجابية في تطورات مُجتمعهم نحو الإيجابية وزرع ثقافة العمل والإنتاج في عقول شبابهم، وأن تكون فرداً ضمن فريق عمل يعرف كيف يُشارك الآخر في التنمية وكيف تستطيع بناء واستثمار العقول، فصناعة العقول أمرٌ مطلوب لأية أُمة من الأُمم، واستثمار العقول مطلب حيوي لأية أُمة من الأُمم لتكون أُمة ناجحة تسعى من خلال شبابها إلى الرُّقي وتحقيق الأهداف. انطلقت هيئة الترفيه «على استحياء» في برامجها وبدأت عروضاً في جامعة الأميرة نورة، وهُنا ثارت ثائرة التيار المُتشدد وأطلقوا العنان لمُخيلاتهم، وجعلوا هُناك وسماً باسم «الاختلاط» وقالوا إن ما حدث اختلاط يدعو للرذيلة و….و… إلخ. تلك الكلمات والمُفردات المُعتادة من قبلهم ليس حُبّاً في الدين، ولا المحافظة على المُجتمع بل للبحث عن مكان لهم فقدوه، والبحث عن صلاحيات كانت موجودة لديهم بغير وجه حق، وحينما فقدوها بسبب الإصلاحات والعودة إلى الطُّرق السليمة ثارت أصواتهم وضجت بأنفاسهم الأمكنة وأصبحوا يُصارعون الوقت ويبحثون عن الفُرصة تلو الأُخرى للعودة إلى الماضي وكسب النقاط، فتجدهم ينعتون بما لا يعرفون، ويطلقون التُّهم، وكانت هيئة الترفيه أهم هدف لهم وصيداً ثميناً فأطلقوا العنان لأقلامهم، ولكن ونحنُ في زمن الوعي وعدم السماح لهم بزعزعة المُجتمع وعدم الرضا بالرجوع إلى المربع الأول والدوائر المُغلقة، ورغبة المُجتمع في البحث عن ذاته وتحقيق مُتطلباته رفض الكُل تلك الوسوم والكلمات منهم، وكانت النتيجة إيجابية ولو عُدنا إلى مسألة الاختلاط وسألنا هؤلاء عن مفهوم الاختلاط فلن تجد لديهم أية أجوبة أو حتى بصيصاً من علم..!