يزعجني كثيراً كلام الكبار في السن عن أيامهم ولوحاتهم البطولية التي عملوها قياساً بأبناء الجيل الحالي، سواء في أعمال قاسية كالجمالة وخلافها أوعملهم في بلاد بعيدة كالهند والزبير وغيرها. ليس هناك جيل قادر على التحمل أكثر من غيره، ولكن هناك ظروف قاهرة تحتم على الناس تحمل الصعاب ومتى ما توافرت هذه الظروف فالكل سيكون مستعداً للعمل أياً كان نوع هذا العمل وفي أي مكان. هناك حديث دارج في المجتمع على ألسنة العوام بهذا الجدل البيزنطي، في عدم مقدرة جيل على عمل ما كان يفعله جيل قبله، ولكن الحقيقة أن الظروف هي التي تحكم. الأزمة هنا ليست أزمة أشخاص ولكنها أزمة ظروف ولا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة أحوال المملكة ماضيا، والتي حدت ببعض قاطنيها في تلك السنوات إلى الهجرة إلى أمكنة بعيدة طلباً للعيش، بأيامنا هذه التي تجد فيها حتى العاطل في أغلب الأحوال يجد من يؤمن له المأكل والمسكن وشيئا من المصروف. إن ترديد هذه العبارات الرنانة مثل «على أيامنا» يزيد الشباب إحباطاً على إحباط، ويثبط همتهم للعمل. فقصص «على أيامنا» تصلح لتمضية الليالي الطوال ولتجميل أحاديث المجالس ولكنها لا يمكن أن تصبح معياراً مهنياً لأن الظروف ليست واحدة. جميل من الواحد أن يتباهى بما قدمه وعمله في حقبة زمنية مضت ولكن يجب ألا تكون على حساب الجيل الحالي الذي لا يجد من يفهمه وأحياناً لا يجد من يمد له يد العون.