منذ عامين وأكثر وأنا أكرر تلك القاعدة الوطنية التي أتوق أن تجسد مفهوم الوطنية الحقيقي، التي تُفعّل دور المواطن الإيجابي والبناء اتجاه وطنه. فالوطنية الحقيقية ليست زيا نرتديه أو شعارات نرددها أو قصائد نغنيها وحسب، مع أني لا أمانع في ذلك كله بل وأباركه، وإنما هناك أساسيات تسبق تلك الصور. الوطنية هي التي تجسد السلوك الفردي للمواطن بما ينعكس إيجابا على مجتمعه ووطنه، وهي مسؤولية كل شرائح المجتمع بكافة فئاته العمرية، من الطالب إلى الوزير. الوطنية أن يحافظ الطالب على مقدرات مدرسته وكتبه وعليه أن يجد في دراسته حتى يحصل على شهادات عليا يخدم فيها مجتمعه أو اجتهاده فيما أعطاه الله من طاقات ومهنيات يرتقي من خلالها بنفسه ومجتمعه، وعلى الوزارء والموظفين تنفيذ مشاريع مؤسساتهم الخدمية والتعليمية والصحية والبيئية والاجتماعية وغيرها، دون فساد أو لصوصية تعيق أو تحد من جودة تلك المشاريع وغيرها، وعلى وزارة التعليم تهيئة محاضنها التعليمية لتناسب احتياجات سوق العمل وما يرتقي بالإنسان والمكان في بيئة علمية عملية ومعرفية وإنسانية تمكن المتعلم من الإبداع والإنتاج. وعلى المعلمين تكوين جيل إيجابي يخدم أهداف الدولة المستقبلية، جيل يفعل لا يقول فقط ولعلي أستهدف من مقالي هذا شريحة المتعلمين الذين سيقودون بناء الوطن غدا، أملا مني في تثقيف وتوعية جيل قابل للأدلجة الإيجابية حتى يتبلور سلوك الإنتاج والإبداع لديه عندما يقود مستقبل وطنه نحو وطن منتج يفعل ما يقول، لا يقول مالا يفعل. ولعل قرارات سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- بالأمس من غربلة لبعض الأنظمة الحكومية، كالحد من المصروفات المالية لوزارات الدولة ووزرائها وتعديل أنظمة الإجازات لموظفيها وغيرها من القرارات التي ينبغي على المواطن أن يعي دور الوطنية وتفعيلها، خصوصا أن الوطن يمر بمرحلة صعبة وعلينا أن نهب الغالي والثمين وأن نقف يدا بيد مع ولاة أمرنا حتى نتجاوزها. الوطنية باختصار مفردة تعني البناء، تحتاج إلى أفعال إيجابية ننثرها على واقع حاضر ومستقبل الوطن.