أكدت استراتيجية وطنية شاملة تعمل عليها وزارة الاقتصاد والتخطيط بتوجيه سام وبمشاركة عدد من الوزارات والجهات الحكومية والخاصة على توجه الدولة الجاد نحو «الإصلاح» مشيرة إلى انها تخطو حثيثاً نحو ذلك، كما كشفت عن خطط ونظرة شمولية فاعلية تتجه الدولة لتطبيقها لتفعيل القدرات الكامنة لدى الشباب ورسم السياسات والاجراءات التي تحقق طموحاتهم وآمالهم حتى يكونوا منتجين وفاعلين في منظومة التنمية التي تشهدها البلاد. الاستراتيجية تحذر من تنامي بطالة الشباب وتؤكد أن تعزيز «المواطنة» العتبة الأولى لرقي المجتمع وحذرت هذه الاستراتيجية الخاصة ب «الشباب» من التنامي الكبير في معدلات البطالة بين الشباب ذكوراً وإناث ضمن قوة العمل مشيرة إلى أن نسبها بين الذكور وصلت إلى 31٪ وبين الإناث 71٪ معتبرة أن هذه النسب (مرتفعة جداً) إذا ما قيست بمعدل البطالة الكلي لافتة في هذا الصدد إلى أن 96٪ من الشباب السعودي يرى أن توفير وظائف لهم يمثل أهمية قصوى لاسيما أنها لا تعني لهم مجرد الحصول على عمل فحسب، بل وسيلة لتحقيق انجازات أخرى بالغة الأهمية كالزواج وتكوين الأسرة وتحقيق الذات وتأمين متطلبات المعيشة، وبالتالي الاستقرار النفسي والاجتماعي. وأقرت (الاستراتيجية الوطنية للشباب) التي شرعت وزارة الاقتصاد والتخطيط العام المنصرم في إعدادها بمشاركة عدة جهات أن 42٪ من الشباب الذكور «يعانون» بشكل كبير من مشكلات البحث عن عمل ومن قلة فرص العمل المتاحة. وشددت هذه الاستراتيجية التي ينتظر البدء في تطبيقها على إدراك حكومة خادم الحرمين الشريفين ممثلة في وزارة الاقتصاد والتخطيط لأهمية التخطيط لاستراتيجية وطنية لفئة «الشباب» التي يعول عليهم الكثير لتؤسس لنظرة شمولية متكاملة لتفعيل قدراتهم وتحقق طموحاتهم، حيث «تتعاضد» الاستراتيجية التي تعد (أول) استراتيجية رسمية بهذه الشمولية والتكامل تعنى بقضايا الشباب مع خطة التنمية التاسعة فيما يتعلق بالشباب، حيث تؤكد الخطة على ايجاد جيل من الشباب يتمتع بقدرات ومهارات علمية وبدنية وحياتية ومتحملاً لمسئولياته تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه ومشاركاً فعالاً في عملية التنمية، اضافة إلى تحقيق الاندماج الاجتماعي للشباب وتوسيع نطاق مشاركتهم في مختلف مجالات، وتمتد تفاصيل الخطة لتشمل الحد من حالات انتشار المخدرات بين الشباب، وسائر السلوكيات الضارة بصحتهم البدنية والنفسية، وتقليص الفجوة بين ما تقدمه المدرسة للتلاميذ وما يحتاجون إليه من مهارات حياتية ومعلومات تساعدهم في العيش بصورة أفضل وفي بناء مستقبلهم، وتحسين مستوى معيشتهم مع توفير فرص عمل لهم تنسجم مع ميولهم وقدراتهم واختصاصاتهم العلمية وزيادة إسهامهم في القوى العاملة ومكافحة البطالة بين صفوفهم، كما ترى خطة التنمية إن سبل قضاء الوقت الحر وغياب وسائل الترويح المناسبة تعدى إحدى المشكلات الأساسية لدى الشباب من الجنسين حيث تشير العديد من الدراسات إلى أن كثيراً من الشباب لديهم «وقت فراغ» طويل يتراوح بين 4 إلى 12 ساعة يومياً، وفي الغالب أن هذا الوقت غير مستغل استغلالاً مثمراً، وهذا الوضع يحمل في طياته مخاطر تربوية واجتماعية تولد قلقاً لدى الشباب والمسؤولين عنهم، مما يتطلب توجيه الجهود لتوفير الأنشطة الترفيهية الملائمة للشباب. نصف الشباب يؤكد على أهمية ضمان «الحريات الشخصية» و«حرية التعبير» و96٪ يعطي التوظيف أهمية قصوى ووفقاً لهذه الاستراتيجية التي تتكامل مع خطة التنمية التاسعة للدولة فقد بلغ عدد سكان المملكة من (الشباب) في العام 31ه (3.9) ملايين شاب يمثلون نحو (21٪) من اجمالي السكان ومن المتوقع ازدياد عدد الشباب الواقع ضمن الفئة العمرية (15 - 29) سنة خلال السنوات الثماني القادمة إلى (4.7) ملايين شاب كما تشير تقارير الاستراتيجية إلى أن نسبة التعليم وسط الشباب بلغت 96.7٪ فيما بلغت نسبة المتعلمات ضمن فئة الشباب 97٪ المحددة للقطاع في خطة التنمية التاسعة. وقالت الاستراتيجية الشبابية ان المملكة تشهد تطوراً تنموياً في شتى مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ويمثل الشباب عاملاً مهماً في هذا التطور فهم الجيل المتعلم ومن أكثر القوى المؤثرة في سوق العمل وأكثر فئات المجتمع رغبة في «التجديد» واستيعاب المتغيرات وأكثرها كذلك قدرة على التفاعل والاستجابة لمخرجات عملية التطور والتقدم العلمي والتقني بيد أن هذه الطاقة تبقى كامنة ما لم ينجح المجتمع في ايجاد البيئة المساعدة للاستفادة منها من خلال السياسات والبرامج المناسبة. الخطط المستقبلية تدعو لتكثيف وسائل الترويح وتحسين مستوى معيشة الشباب وفي اطار شامل تنظر الدولة إلى موضوعات الشباب كوحدة تنموية تتكامل جميع عناصرها من أجل ضمان تطوير أوضاعهم، حيث شهدت خطة التنمية الثامنة تطوراً ايجابياً في جميع الجوانب المتعلقة بتنمية الشباب التربوية منها والصحية والاجتماعية والثقافية والرياضية. وفي هذا السياق تشكل خطة التنمية التاسعة خطوة نوعية على طريق الاهتمام بقضايا الشباب من منظور شامل ينطوي على جميع أبعاد التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الأخذ في الحسبان جميع الأدوار المختلفة للشباب وكذلك احتياجاتهم. ولم تكن التطورات والتغيرات التي تشهدها كثير من الدول بعيدة عن معدي هذه الاستراتيجية حيث تقول إن ما شهدته العقود الأخيرة من أحداث متلاحقة وتطورات سريعة جعلت عملية التغيير أمراً حتمياً في معظم دول العالم وقد انتاب القلق بعض المجتمعات من هذا التغير السريع، ومنها العربية والإسلامية التي تخشى أن تؤدي هذه التحولات الاجتماعية المتسارعة والمرتبطة بالتطور العلمي السريع إلى التأثير على قيمها ومبادئها وعاداتها وتقاليدها بفعل الهالة الإعلامية الغربية، والمملكة احدى هذه المجتمعات التي مرت بتغيرات سريعة شملت معظم جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مما أثر على تماسك المجتمع واستقراره وأدت إلى ظهور اتجاهات وقيم وأنماط تفكير لا تتفق وطبيعة المجتمع السعودي. الشباب أكثر القوى تأثيراً في سوق العمل وأكبر فئات المجتمع رغبة في «التجديد» وشددت النظرة الشمولية الجديدة لواقع الشباب ومستقبلهم كثيراً على قضية «المواطنة» حيث عدتها من الأمور المهمة التي يجب تأصيلها في وعي الكثير من الأجيال القادمة كونها العتبة الأولى التي يرتقي فيها المجتمع السعودي إلى التطوير والإصلاح، لذا فإن من الأهمية بمكان تعزيز قيمة المواطنة لدى شباب المملكة لبناء الوطنية في السلوك العام وتعزيز هذه المواطنة لدى الموظف الحكومي والعسكري والمعلمين وهم الأهم قطاعاً، كونهم مؤثرين إلى درجة كبيرة في تربية الأجيال الناشئة وإبعاد كل ما يمكن ان يؤثر على المواطنة سلباً كأفكار التطرف والغلو التي يزرعها البعض في عقول الشباب، كما أن للإعلام دوراً كبيراً في تعزيز المواطنة، خاصة أن المجتمع السعودي بدأ يعي أهمية هذه المواطنة في التلاحم المجتمعي مع الدولة، وعلى رغم ما تنفرد به المواطنة وما يتداخل معها من مفاهيم الانتماء من خصوصية في المرجعية وآليات التشكيل والبناء والممارسة، إلا أنها وعلى مدى السنوات القليلة الماضية شهدت تحدياً جديداً يتمثل في عملية الانفتاح الثقافي الذي تعددت آلياته ووسائله لتخاطب الشباب عن بعد وتقدم العديد من التفسيرات والتأويلات المنحرفة أو الملتوية للأحداث الاقليمية والدولية، وتسلط الضوء على قضايا مجتمعية تمس جوهر هذا المفهوم لدى الشاب السعودي، وتعرض إطاراً مفاهيمياً مغلفاً بشعارات تأخذ بالمشاعر وتؤثر على مسارب تفكير العقول خاصة لدى فئة الشباب ومن هم في سن القابلية للاحتواء أو الاختطاف الفكري والثقافي بحكم خصائص المرحلة العُمرية التي يعيشونها، ويثير ذلك جدلاً في الأوساط السياسية والدينية والتربوية حول مدى تأثر مفهوم المواطنة لدى الشباب بهذه الأفكار التي يحملها الأثير عبر الحدود، ودور مؤسسات المجتمع في الحفاظ على البنية السليمة لوعي المواطن وممارسته للمواطنة. وتناولت فصول الاستراتيجية عرضاً لأهم التحديات وملامح هذه الاستراتيجية إلى جانب الوضع الراهن لقطاع الشباب ونسب المتعلمين منهم والمتزوجين والمدخنين والمدخنات منهم، ومن لا يزال على مقاعد الدراسة والعدد الكلي لقوة العمل بين الشباب ومن سبق وأن تعاطوا المخدرات إلى جانب من يعانون من الاضطرابات النفسية والكآبة ومن سبق أن حاولوا الانتحار خلال فترة معينة من حياتهم اضافة إلى العديد من الخصائص الديموغرافية الخاصة بهذه الشريحة المهمة في المجتمع. وأظهرت الدراسة كذلك نسب الشباب الذين يعتبرون أنفسهم ملتزمون دينياً ومتوسطو الالتزام وكذلك غير الملتزمين، في حين أشار 37٪ من الشباب أن ضمان «الحريات الشخصية» قضية مهمة جداً بالنسبة لهم وعد 45٪ من الشباب من الجنسين حرية التعبير مهمة جداً بالنسبة لهم، وهذه النسبة ترتفع بين الشباب الأكبر سناً والأكثر تحصيلاً علمياً والمتزوجون، وبخصوص وضع المرأة في المجتمع فيرى 24٪ أن وضعها أقل من غيرها، مع ارتفاع النسبة لدى الإناث إلى 29٪، كما تناولت الاستراتيجية كل ما يتعلق بالشباب ومنها قضية ارتفاع نسب ضحايا حوادث السيارات بين الشباب حيث لا تزال المملكة تفقد كل يوم قرابة 16 شخصاً نتيجة حوادث المرور وهذا الرقم لا يشمل من يتوفون بعد الحادث في المستشفى، وكذلك نسب مستخدمي الانترنت بين الشباب الذين يعدون الأكثر استخداماً له في المجتمع.