أكد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، رفض المملكة رفضاً قاطعاً أن تتحول شعيرة الحج العظيمة إلى تحقيق أهداف سياسية أو خلافاتٍ مذهبية. ووصف الملك الغلوَّ والتطرف بالتوجه المذموم شرعاً وعقلاً. وحذَّر، في كلمةٍ له أمس، من أن التطرف حين يدبّ في جسد الأمة الإسلامية يفسد تلاحمها ومستقبلها وصورتها أمام العالم. وشدَّد: «لا سبيل إلى الخلاص من هذا البلاء إلا باستئصاله دون هوادة؛ وبوحدة المسلمين للقضاء على هذا الوباء». وألقى خادم الحرمين كلمته لدى إقامته في الديوان الملكي في قصر مِنى حفل الاستقبال السنوي لكبار الشخصيات الإسلامية التي أدت الحج هذا العام وضيوفه وضيوف الجهات الحكومية ورؤساء الوفود ومكاتب شؤون الحجاج. وذكَّر الملك بأن الإسلام دين السلام والعدل والإخاء والمحبة والإحسان. ورأى أن ما يشهده العالم الإسلامي في بعض أجزائه من نزاعات ومآسٍ وفرقة وتناحر يدعونا جميعاً إلى بذل قصارى الجهد لتوحيد الكلمة والصف. ونبَّه إلى ضرورة العمل سوياً لحل تلك النزاعات وإنهاء الصراعات، مشيراً إلى تأكيد المملكة حرصها الدائم على لمّ شمل المسلمين ومد يد العون لهم والعمل على دعم كل الجهود الخيِّرة. وجدَّد الملك التأكيد على تشرُّف المملكة واعتزازها بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، لافتاً إلى تسخيرها كل إمكاناتها خدمةً للحجاج وسهراً على راحتهم وتوفيراً لكل سبل تسهيل أدائهم مناسكهم بكل يسر وطمأنينة. وشارك في الحفل رئيسَ باكستان، ممنون حسين، ونائب رئيس السودان، حسبو محمد عبدالرحمن، ورئيس وزراء النيجر، بريجي رافيني، ورئيس الوزراء وزير الدفاع في الأردن، الدكتور هاني الملقي، ورئيس وزراء مالي السابق، موسى مارا، ورئيس البرلمان التركي، إسماعيل كهرمان، ورئيس الجمعية الوطنية المالية (البرلمان)، إيساقا سيديبي، ورئيس مجلس النواب الإندونيسي، الدكتور الحاج آدي قمر الدين، ورئيس مجلس النواب الجيبوتي، محمد علي حُمد، ورئيس مجلس الشيوخ الأفغاني، فضل هادي مسلميار، ورئيس مجلس الشيوخ الماليزي، داتوك فيغنسوان، ورئيس مجلس الشعب المالديفي، عبدالله مسيح محمد، والرئيس السابق للبرلمان الاتحادي في جمهورية القمر المتحدة، حامد برهان، وكبار المسؤولين في عددٍ من الدول الإسلامية. وصافح خادم الحرمين الشريفين هذه الشخصيات. ثم بدأ الحفل الخطابي المعّدُ بهذه المناسبة بتلاوة آياتٍ من القرآن الكريم. وبعدما ألقى الملك كلمته؛ أُلقِيَت كلماتٍ من قِبَل وزير الحج والعمرة، الدكتور محمد بن صالح بن طاهر بنتن، والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، ووزير الشبيبة والرياضة المغربي، الحسن محمد الحسين سكوري. ونقل الوزير المغربي إلى خادم الحرمين عظيم شكر وامتنان رؤساء وفود الحج ومكاتب شؤونه؛ على جهود قيادة المملكة خلال موسم الحج. وقال سكوري، في كلمة رؤساء مكاتب شؤون الحجاج، إن «إخواني رؤساء وفود الحجيج لهذا العام يقرون معي أن الله أكرم هذا البلد والمسلمين بخدمتكم للأرض التي تهفو إليها القلوب ويأتيها الناس من كل فج عميق لأداء مناسك ركن من أركان خاتمة الرسالات والأديان»، متسائلاً «وكيف لا نؤدي هذه الشهادة والمسلمون يتابعون إنجازاتكم، مؤزِّرين بمجهودات ولي عهدكم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وولي ولي عهدكم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، سواءً فيما يخص توسعة الحرم الشريف أو العناية بالحرم النبوي المنيف أو في غير ذلك من المرافق والتدابير التي ترومون من ورائها التيسير على الحجيج، وهو من أجلِّ ما يحمده سائر المؤمنين ومن أعظم ما تُدرَك به مرضاة الله رب العالمين». وأوضح الوزير المغربي «كل من حضر من الحجاج يقف سنة بعد سنة على ما يسعد الغيورين على الدين ويلتمس عظيم الشواهد على أنكم وفيتم في هذه الخدمة أحسن الوفاء بما تبنون وتجددون وتدبرون وتحرسون»، متابعاً «ويا سعدكم وأنتم من ينزل في بلادكم ضيوف الرحمن ومن اشتهرتم بنصرة الدين لخدمة مقاصد القرآن». وذكر الوزير أن «الحج الذي تخدمونه شرَعه الله ليكون للمسلمين مصدر التذكير بالوحدة والتوحيد، وهو تعبير عن الأمل بأن تُذلَّل في آفاقهم الصعوبات وتتبدد سائر الهموم والانشغالات، ولا شك أن جهودكم تنصبُّ في هذا الاتجاه بما تدافعون عن صورة الإسلام ضد تهم الطامعين والمغرضين». وخاطب سكوري خادم الحرمين قائلاً «يا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله أسأل المولى عز وجل لكم دوام العزة، وأن يسبغ عليكم وعلى المملكة العربية السعودية نعمه ظاهرة وباطنة، ويبقيها رافلة في حلل السلام والأمان، متمتعة تحت قيادتكم الرشيدة بدوام الرقي والاطمئنان». عقب ذلك صافح خادم الحرمين كبار الشخصيات الإسلامية وضيوفه وضيوف الجهات الحكومية ورؤساء الوفود ومكاتب شؤون الحجاج، ثم تناول الجميع طعام الغداء معه. حضر حفل الاستقبال مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولفيف من أصحاب السمو من الأمراء. كما حضر أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدون لدى المملكة وعددٌ من المسؤولين.