لم تزل المرأة المطلقة.. الأرملة.. المتعففة.. الفقيرة المقطوعة من الأهل والأبناء، تعاني معاناة في مجتمعنا عصر الحضارة والتقنية والتطور اللا محدود، معاناة يأس لا تخطر على بال.. وهذه المعاناة لم تأت من فراغ.. إنما جاءت بعد أن خاضت معركة صراع مع جهات عدة في المجتمع.. فهي وُلدت ونشأت على حياة كريمة بين أحضان والديها لم تشعر بنقص متطلبات حياتها مهما كان حال الأسرة المادي.. وعندما تتزوج وتغادر حضن ولاية والديها إلى بيت الزوجية، وتتعثر حياة بعضهن فجأة تجد حياتها تتوقف عند حد لا تستطيع الاستمرار مع الزوج الفاشل لأنه فقد كثيراً من مزايا الرجال أهل الكفاءة والمسؤولية. أصيبت بهذا اليأس حينما طرقت كل السبل لكسب لقمة عيش حلال تأكلها وتطعم صغارها كالطيور المنتظرة عودة الأم بيد مملوءة من رزق الله بعدما حلقت في سماء الحرية.. لكنها تعبت ولم تجد هذه الحرية المباحة في العمل لتهنأ بحياة كريمة كما كانت في بيت والديها.. تعود لبيت الطفولة مغتربة تسحب معها ورقة طلاقها وعدداً من الأطفال. أليس هذا بكافٍ أن يصيبها باليأس؟ إحداهن جامعية تشكو للبشر عن الحال بعد الله.. أنها طرقت جميع الأبواب الحلال لم يفتح أمامها أي منها.. فقالت بعبارة تملؤها الحسرة والألم «أستاذتي لم يبق إلا أن أطرق باباً واحداً وهذا الباب يزينه الشيطان وهو باب الحرام». هذا القول لا يرضي أي مسلم عاقل من الذين يغارون على نساء وطنهم. لكن هيهات أن تجدهم!! وإن وجدتهم فإنهم قلة!! تجد بعضاً منهم في أكبر المناسبات متصدراً المجلس متوشحاً مشلحه ومميلاً عقاله ليظهر أمام الإعلام.. ولو طرقت إحداهن بابه دون إعلام.. أقفى بظهره متعذراً أنه خارج الوطن.. أو عدم وجود أي وظيفة لأمثالهن.. أو أن ما لديه هو بقايا زكاة أموال تم توزيعها خارج الحدود!!! تعيش صديقتي البائسة حياة يائسة وأمثالها من النسوة مع أطفالهن يخضن حياة ذل الفقر وقهر الحياة في مجتمع الغنى والترف.. يتقاذفهن أصحاب الضمائر المنحلة. إنه العنف الاجتماعي ألا توافقوني؟ إنه العنف بكامل معانيه!!