شباب لايتجاوزن العشرين من العمر يجوبون الشوارع حاملين ملصقات علي سياراتهم الشبابية، تحمل صور وشعارات الرئيس العراقي السابق صدام حسين! لفت نظري هذا المشهد البانورامي على السيارات لشباب لربما جاءوا إلى هذه الحياة ماقبل عام ال 2000 م، أي مابعد حرب الخليج الثانية وغزو الكويت. ولم يشهدوا الجرائم الفظيعة، ولا تلك المرحلة العصيبة والعنيفة التي مرّت بها المنطقة بسبب صدام حسين، وذلك الوبال العظيم الذي جرّ إليه الشعب العراقي والمنطقة بأسرها، ناهيك عن الوضع الإنساني والتعاطف الكبير الذي حملناه كعرب ومسلمين – وهذه طبيعتنا كعرب – جُبلنا على الانسياق خلف العواطف نتيجة لما تعرض له صدام حسين خلال فترة اعتقاله، خصوصا اللحظات الأخيرة وتلك الطريقة الهمجية المهينة التي عومل فيها بوحشية وشنقه في يوم عيد الأضحي الكبير وتقديمه كقربان لإيران. ابن جارنا المراهق والمهووس بشخصية صدام الذي يغضب كثيراً حينما تتحدث عن صدام حسين بتهكم. سألته عن صحة جدّه الذي يبلغ السبعين عاماً، الذي يتوكأ علي عصاه منذ 25 عاما، فقال لي إنه بصحة ليست جيدة بسبب العكاز خصوصاً في مواسم الشتاء والبرد القارس. قلت له هل تعلم أن المتسبب في إعاقة جدك هو صدام، وهل تعلم أن جدك كان في جيش التحالف وتعرض لإصابة في رجله من شظية (أربي جي) حينما دخل الجيش السعودي لتحرير الكويت. ومازالت آثار تلك الشظايا المتفتتة في جسده هي السبب في آلام جدك! وهل تعلم أن الحالة النفسية السيئة والوسواس القهري الذي تعاني منه أمك ناتج من رعبها من صواريخ صدام حسين التي أطلقها علي الرياض في عام 90. بغض النظر عن هذا وذاك، إذ كان يعتقد بعضهم أن السبب في حب صدام هو حمايته للبوابة الشرقية خشية من المدّ الأيراني فهو واهم، وأنه هزم إيران في الحرب العراقية الإيرانية فهو واهم أيضا، فلولا لطف الله ودعم السعودية وبناؤها خطاً دوليا (هايوي) مفتوحاً يتم من خلاله تمرير البضائع والأسلحة و المؤونة للعراق لوصل الجيش الإيراني لبغداد في لمحة عين.