قادت جملة تفوهت بها سفيرة أسترالية في بيروت قبل سنوات، المحاضر في جامعة الملك فيصل الدكتور عاصم بني عامر إلى كتابة بحث حول “أثر البيئة على اللغة العربية – الإبل أنموذجاً”، عندما كان يعَّلم الدبلوماسيين اللغة العربية لغير الناطقين بها، بعد أن قالت له، حينها: “لغتكم تفوح منها رائحة الإبل”. وأوضح بني عامر، خلال محاضرة له في أحدية آل مبارك، مساء أمس الأول، في الهفوف، أن للإبل أثرا كبيرا على مستويات اللغة العربية، حيث دخلت باسمه مفردات كثيرة جداً في هذه اللغة. وقال إن لكل بيئة خصائصها، وشبه الجزيرة العربية بصحرائها، وقفارها، وشح مائها، كونت طريقة تفكير مختلفة تماماً عن بقية البيئات، ولهذا تكيف الجمل معها، وكان شريكاً مع عرب الجزيرة في طريقة تفكيرهم لغوياً. وأضاف أن ذكر الإبل تكرر55 مرة في القرآن الكريم، وأن المصحف لم يشتمل على ذكر حيوان، بأسماء مختلفة، مثل الإبل، لافتاً إلى أن ذلك التكرار يأتي نتيجة لكثرة منافعه، مقارنة مع بقية الحيوانات، وموضحاً أن لفظ الإبل تكرر مراراً، كذلك، في الأحاديث النبوية الشريفة، كما أن الناقة كانت “مكوّنا أساسيا في الوصف” في القصائد الجاهلية، وبنية القصيدة، وأن العرب نظموا في الإبل ما لم ينظموه في حيوان آخر. وبين أن للناقة ألف اسم في اللغة العربية، نظراً لعظمتها لدى العرب، ولا ينافسها في هذا العدد إلا السيف، ولهذا قد يضيع الكثير من اللغة إن أسقطت الناقة منها، فهي “ديوان الإنسان العربي، ومبعث أخيلته في الحياة، ومصدر نصوصه”، بل إن الجمل بمظهره الخارجي، وسلوكه الحيواني، لفت نظر الناس. وأكد أن الجمل فعل فعلته في اللغة، وأثر فيها بمستوياتها الأربعة (الصوتي، والدلالي، والصرفي، والتركيبي)، فحضرت الإبل في “الصوتي”، وكانت مبعثهم في مصدر أصوات كثيرة، مثل لفظة “الهسهسة”، وهي صوت أخفاف الإبل، و”الزغردة”، وهي في الأصل هدير يردده البعير في حلقه، وهكذا مع بقية التأثيرات.