يقول الشاعر التركي «عساف هالت» صنعت تمثالاً من الخشب لرجل له عينان، أذنان وشفتان، وحينما انتهيت منه صرخ بي: يا هذا لم أعد رجلاً ولم أعد شجرة». ذلك المقطع من القصيدة يفسر الحالة التركية فلا نعرف من الرجل ومن الشجرة. بغض النظر عما يحدث في تركيا من أثر تلك الأحداث الدراماتيكية المروعة، سواء كانت محاولة انقلاب فاشلة أو مسرحية معدة مسبقاً. في كل الأحوال لايعنيني ذلك سواءً أكانت رجلاً أم شجرة فذلك شأن «تركي تركي» لادخل لنا به ويخص المواطنين الأتراك وحدهم وهم الذين يقررون ذلك وهم الذين لهم حق أن يروه كما يرونه بمجاهرهم ومناظيرهم. فكما يعلق بعض من المحللين والإعلاميين الأتراك الذين ضاقوا ذرعاً بكمية «المجالد الفكري» بين تياراتنا. في الخليج اتركونا وشأننا هل أصبحتم أتراكاً أكثر من الاتراك أنفسهم! منذ بدء حمى الأحداث في تركيا ضجّت القروبات النخبوية والإعلانية وحتى العائلية بتداول وسرد السيرة الذاتية والإنجازات التي قام بها الرئيس التركي أردوغان ومافعله على الصعيد الثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والسياحي وكيف أنه ضاعف من دخل المواطن التركي حتى أصبح يوازي المواطن الفرنسي… فلا تستغرب أن ترسل لك والدتك العجوز التي لاتعرف بالدنيا سوى خلطات «الحلتيت والمرّة» أن تعيد إرسالها لك. المسألة أنها بين شعب ورئيس، ورئيس وشعبه ودولة ومواطنيها، التي جعلت حتى البسطاء من ناتج حمى التجاذب والصراع بين نخبنا ومثقفينا يسألون السؤال المعهود أردوغان «زين ولا مو زين»! فما الذي يضيرك من كل ذلك أيها المواطن الخليجي، هل لك شيء من ذلك وهل يدخل إلى رصيد حسابك الذي شارف على التصفير شيء من ناتج الاقتصاد التركي! فقط مايهمك هو البحث عن أفضل العروض المقدمة للسياحة في تركيا لتصطاف برفقة عائلتك، لتذهب وتصرف القرض الذي اقترضته من البنك خلال بضعة أيام لتستمتع بأجواء تركيا وتعود لتجد البنك خصم منك القسط الأول، فمن الطبيعي وعلى إثر ذلك أن يرتفع الاقتصاد التركي وينشط وتسدد الحكومة التركية عجزها من أموالك وتنشغل أنت بتلك التجاذبات الأيدلوجية بين نخبنا ومفكرينا ومثقفينا وتضيع بينها وينشغل المواطن التركي بمردوده المادي السنوى من ناتج الموسم السياحي!