لن أتحدث هنا عن المنتخب السعودي لكرة القدم والمعروف لدى عشاقه بالأخضر، فكما يبدو أن ضياعه لم يبدأ اليوم، وحتى الآن لا توجد مؤشرات واضحة لقدرته على الخروج من حالة الضياع التي يعيشها. الأخضر الذي أريد الحديث عنه هنا هى المساحات الخضراء، والتي رغم أهميتها البيئية الكبيرة إلا أنني أرى تناقصها الكبير في شوارع مدننا، وأحيائها, فمع مرور السنوات, وازدياد أعداد السكان, وازدحام السيارات في الشوارع، لجأت كثير من البلديات إلى توسعة الطرق الموجودة, فكانت المساحات الخضراء أبرز الخاسرين أمام الهجوم الإسفلتي الشرس. بلا شك إن غياب بنية تحتية مقبولة لوسائل النقل العام في المدن السعودية وخصوصاً الكبرى منها كانت دافعاً هاماً ورئيساً في تقليص المساحات الخضراء التي كانت تحتل أجزاء أكبر مما نشاهده حالياً في المدن السعودية. وكما هو معلوم فإن للمساحات الخضراء أهميتها عند التخطيط العمراني للمدن، بحيث تكون مناطق لكسر الروتين وبعث البهجة في النفوس, وخصوصاً في ظل تحول المدن إلى غابات إسمنتية ضخمة, ومع أن كثير من المخططات المعتمدة من قبل البلديات تشمل على الأقل حديقة واحدة للحي، إلا أن بعضها يعاني من صغر المساحات الخضراء وتحويلها إلى مناطق للعب الأطفال فقط، والأسوأ من ذلك تعرض بعضها لتعديات تحولها إلى أراض سكنية تباع بأبهظ الأثمان!, لذا فمن العجيب فعلاً أن مدننا التي لم تتوسع كثيراً إلا في السنوات الخمسين الماضية تخلوا من المتنزهات الكبرى، بينما نجد مدينة مثل لندن بها مجموعة من الحدائق الكبرى مثل الهايدبارك التي تشغل مساحة تقارب 1.5 مليون متر مربع. لوزارة الشؤون البلدية والقروية, وللبلديات الدور الأهم في عملية تخطيط المدن, ومن الواجب أن تحرص على أن تكون للمساحات الخضراء بمختلف أشكالها نصيب معقول لكي نحظى بمدن متوازنة بيئياً وإنسانياً, كما إن من واجب الجميع الحفاظ على هذه المساحات الخضراء, وعدم إساءة استخدامها لكي تستمر, وتنمو بصورة مفيدة للبيئة, وللإنسان, ولنتذكر أن الإنسان مُستخلف في هذه الأرض لكي يعمرها, وأن من واجبنا أن نترك للأجيال القادمة بيئة مناسبة للحياة.