خاضت قوات موالية للحكومة التركية معركة أمس لسحق ما تبقى من محاولة انقلاب عسكري فشلت بعد أن لبَّت الجماهير دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للنزول للشوارع وتخلى عشرات من المتمردين عن دباباتهم. وحاول قطاع من القوات المسلحة السيطرة على السلطة باستخدام الدبابات وطائرات الهليكوبتر الهجومية التي هاجم بعضها مقر المخابرات التركية والبرلمان في أنقرة بينما سيطر بعضها الآخر على جسر مهم في إسطنبول. وبدا أن أردوغان يتهم مدبري الانقلاب بمحاولة قتله، ووعد بتطهير القوات المسلحة التي سبق أن نفذت عدداً من الانقلابات العسكرية الناجحة. وقال أردوغان «سيدفعون ثمناً باهظاً لهذا». وقال مسؤولون إن السلطات التركية اعتقلت بالفعل نحو 1500 من أفراد القوات المسلحة. وذكر مسؤول كبير أنه جرى إنقاذ رئيس هيئة الأركان خلوصي عكار الذي وردت أنباء عن أنه محتجز من قِبل المتمردين. ولو كانت نجحت محاولة الإطاحة بأردوغان الذي يحكم تركيا منذ 2003 لكانت مثلت أحد أكبر التحولات في الشرق الأوسط منذ سنوات، فضلاً عن تحول كبير في أحد أهم حلفاء الولاياتالمتحدة بالمنطقة، في الوقت الذي تحتدم فيه الحرب على حدودها. وتوجّه أردوغان الذي كان يقضي عطلة على الساحل عندما وقع الانقلاب، إلى إسطنبول جواً قبل الفجر وظهر على شاشة التليفزيون وسط حشود من المؤيدين خارج المطار الذي فشل مدبرو الانقلاب في تأمينه. وفي كلمة لحشد من آلاف المؤيدين في المطار قال أردوغان في وقت لاحق إن الحكومة لا تزال تتولى الدفة رغم أن الاضطرابات لا تزال مستمرة في أنقرة. وقال أردوغان إن مدبري الانقلاب حاولوا مهاجمته في منتجع مرمرة. وتابع قوله «قصفوا أماكن بعد رحيلي عنها مباشرة. اعتقدوا على الأرجح أننا كنا لا نزال هناك». وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن 2839 من أفراد الجيش اعتُقلوا. وقال القطاع المؤيد للانقلاب في بيان بالبريد الإلكتروني من عنوان المكتب الإعلامي لرئاسة هيئة الأركان التركية، إنه لا يزال عازماً على مواصلة القتال، واصفاً نفسه بحركة السلام في الداخل. ودعا القطاع أيضاً الشعب للبقاء بالداخل حرصاً على سلامتهم. وقال رئيس الوزراء بن علي يلدريم، إن الجنود المتمردين الذين سيطروا على طائرات عسكرية أطلقوا النار من الجو، وأنه جرى إرسال مقاتلات لاعتراضهم. وهزَّت انفجارات وأصوات إطلاق النار إسطنبول والعاصمة أنقرة في ليلة اتسمت بالفوضى بعد أن سيطر جنود على مواقع في المدينتين وأمروا التليفزيون الحكومي بتلاوة بيان أعلنوا فيه السيطرة على السلطة. لكن بحلول الفجر تراجعت أصداء المعارك بشكل كبير. واستسلم نحو 50 جندياً شاركوا في الانقلاب على أحد الجسور عبر مضيق البوسفور في إسطنبول بعد فجر يوم أمس وتركوا دباباتهم ورفعوا أيديهم في الهواء. ورأى شهودٌ أنصارَ الحكومة وهم يهاجمون جنوداً مؤيدين للانقلاب بعد استسلامهم. وفي وقت سابق سلَّم نحو 30 جندياً مؤيداً للانقلاب أسلحتهم بعد أن حاصرتهم الشرطة المسلحة في ميدان تقسيم بوسط إسطنبول. وقد تم اقتيادهم في سيارات الشرطة، بينما مرَّت طائرة مقاتلة مراراً على ارتفاع منخفض مما تسبب في اهتزاز المباني المحيطة وتحطيم النوافذ. وبحلول الساعات الأولى من صباح أمس استمر المشرعون في الاختباء في الملاجئ داخل مبنى البرلمان في أنقرة بعد أن تعرّض المبنى لإطلاق النار من دبابات. وقال شهود إن دخاناً تصاعد من مكان قريب. وقال نائب معارض إن البرلمان تعرّض لإطلاق النار ثلاث مرات، وأن أناساً أصيبوا. وذكر مسؤول تركي كبير في وقت لاحق أمس أن الهجمات على البرلمان «توقفت إلى حد بعيد». ومع انقضاء الليل تحوّل الزخم ضد مدبري الانقلاب. وتحدّت الحشود أوامر البقاء في منازلهم وتجمعوا في الساحات الرئيسة بإسطنبولوأنقرة ولوّحوا بالأعلام ورددوا الهتافات. وفي حين أخذ أنصار الحكومة في اعتلاء دبابة قرب مطار أتاتورك بإسطنبول، قال أحد الرجال «لدينا رئيس وزراء ولدينا رئيس أركان ولن نترك هذا البلد ينهار».