عقد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اجتماعا لحكومته بينما يستأنف النواب البريطانيون نشاطهم بعد أيام على تصويت السكان على الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء أثار عاصفة في أوروبا والعالم. وستكون التصريحات الأولى التي سيدلي بها كاميرون، منذ أعلن الجمعة استقالته التي لن تدخل حيز التنفيذ قبل الخريف، موضع ترقب خصوصا أن حزبه المحافظ يعاني من انقسامات كبيرة. ويمر حزب العمال المعارض أيضا بمرحلة صعبة، ورغم الانتقادات الشديدة من الداخل التي يتعرض لها زعيمه جيريمي كوربن، الا انه اعلن انه لن يستقيل من منصبه. في هذا الوقت، بدأ صبر الاتحاد الاوروبي ينفد، وهو يطالب بريطانيا باطلاق الية الانفصال بسرعة الا ان لندن تفضل التريث. في برلين، تستقبل المستشارة الالمانية انغيلا ميركل امس الاثنين رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك ثم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الحكومة الايطالي ماتيو رينزي للتباحث في تبعات خروج بريطانيا. ماذا الان؟ وتحت عنوان «ماذا الان؟»، اختصرت صحيفة «صنداي تايمز» اجواء التوتر الذي تعيشه بريطانيا منذ الاستفتاء الذي زاد الانقسامات السياسية وتلك المتعلقة بالهوية وعزز الطموحات الانفصالية للقوميين الاسكتلنديين. وصرحت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستورجن لشبكة «بي بي سي» ان «المملكة المتحدة التي صوتت اسكتلندا من اجل البقاء فيها في العام 2014، لم تعد موجودة». وتأمل ستورجن بتنظيم استفتاء جديد حول استقلال بلادها.وكانت اسكتلندا شهدت استفتاء على الاستقلال او البقاء ضمن المملكة المتحدة في 2014، تفوق فيه فريق مؤيدي البقاء. وقالت ستورجن، «بسبب الاستفتاء، تغيرت الظروف بالكامل»، مضيفة أن مجمل الناخبين البريطانيين ايدوا الخروج بنسبة 51,9%، لكن الاسكتلنديين فضلوا البقاء بنسبة 62 %. وزاد الاستفتاء حدة الخلافات الداخلية في الحزبين السياسيين الرئيسيين في بريطانيا. ويتهم كوربن بانه لم يبذل ما يكفي من الجهود من اجل الدفاع عن الاتحاد الاوروبي في حملة الاستفتاء.وكان كوربن أقال الاحد منافسته على رئاسة الحزب هيلاري بن، فقدم على الاثر 11 مسؤولا في الحزب استقالاتهم للاحتجاج على القرار. وصرح كوربن الذي انتخب على راس الحزب في سبتمبر 2015 بتاييد شعبي كبير، انه لن يستقيل رغم الانتقادات. ويعقد اجتماع للحزب الاثنين يتوقع ان يكون عاصفا ويمكن ان يتم خلاله البحث بمذكرة لحجب الثقة عنه. الاتحاد الأوروبي يريد تسريع إجراءات الطلاق في حزب المحافظين، انطلقت منذ الجمعة معركة خلافة كاميرون. واوردت صحيفة «ذي اوبزيفر» ان رئيس بلدية لندن السابق وزعيم معسكر الخروج من الاتحاد الاوروبي بوريس جونسون يستعد لشن حملة على الحزب، الا ان مؤيدي البقاء عازمون على التصدي له. وفي دليل على ان قسما من البريطانيين خصوصا الشباب، يجد صعوبة في تقبل نتيجة الاستفتاء، تخطت العريضة التي تطالب بتنظيم استفتاء ثان 3,2 ملايين توقيع بعد ظهر امس الأول الاحد. وتواجه بريطانيا ضغوطا حثيثة من مسؤولي الاتحاد الاوروبي لتسريع اجراءات الخروج التي يريد كاميرون تركها لخليفته الذي سيعين خلال مؤتمر عام لحزب المحافظين في اكتوبر المقبل. وكان رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز حث كاميرون على اطلاق اجراءات الخروج الثلاثاء خلال قمة لقادة دول وحكومات الاتحاد الاوروبي تستمر يومين. لكن مصدرا رسميا اوروبيا استبعد ان يحصل ذلك. وصرح المصدر «نتوقع ان يعرض كاميرون نتائج الاستفتاء»، لكن «لا نتوقع في هذه المرحلة ان يطبق المادة 50» من معاهدة لشبونة التي تنص على اجراءات الخروج. الا ان وزير المالية البريطاني جورج اوزبورن حذر الاثنين بان بريطانيا لن تطبق المادة 50 من اجل الخروج من الاتحاد الاوروبي الا في الوقت المناسب. واوضح اوزبورن في كلمة مقتضبة في وزارة الخزانة «المملكة المتحدة وحدها قادرة على مباشرة تطبيق المادة 50، وبرايي لن نقوم بذلك الا عندما تتوافر لدينا رؤية واضحة للترتيبات الجديدة مع جيراننا الاوروبيين». واضاف اوزبورن ان كاميرون «بقرار ارجاء تطبيق المادة 50 ريثما يتم انتخاب رئيس جديد للحكومة في الخريف» انما «امهل البلاد بعض الوقت ليتسنى لها اتخاذ القرار حول العلاقة الجديدة التي ستقيمها» مع الاتحاد. وقال ان الاقتصاد البريطاني «مستعد لمواجهة ما يخبئه المستقبل لنا»، في وقت تبدي الاسواق المالية مخاوف من تبعات خروج بريطانيا. وتراجع الجنيه الاسترليني الاثنين الى مستويات قياسية كان سجلها قبل ثلاثين عاما، الا ان الاسواق استعادت بعض الخسائر الكبيرة التي لحقت بها نتيجة الصدمة التي افضت اليها نتيجة الاستفتاء الجمعة. وتنص المادة 50 من معاهدة لشبونة الموقعة عام 2007 على أنه من أجل الشروع في إجراءات الانسحاب، يفترض بالدولة إبلاغ المجلس الأوروبي المؤلف من رؤساء دول وحكومات البلدان الأعضاء بنيتها الخروج من الاتحاد، وأن تتفاوض بعد ذلك على مدى سنتين كحد اقصى على «اتفاق انسحاب».