ستبقى نهائيات كأس أوروبا 2016 محفورة في ذهن الشعب الأيسلندي: منتخب كرة القدم في باكورة مشاركاته القارية يتخطى الدور الأول، ثم يقصي العملاقة إنجلترا ويضرب موعدا مع فرنسا المضيفة في ربع النهائي. لا تبدو باقي المواجهات جاذبة جدا باستثناء لقاء العملاقين الألماني والإيطالي، فبعد خروج إسبانيا وإنجلترا وكرواتيا، ضربت بلجيكا موعدا مع ويلز، والبرتغال مع بولندا. بعد يومي راحة «الثلاثاء والأربعاء»، سيمتد ربع النهائي بين الخميس والأحد المقبلين. لا يمكن اختصار المنتخبات المتأهلة بنجومها، لكن في الأولى يلتقي كريستيانو رونالدو البرتغال مع روبرت ليفاندوفسكي بولندا، وفي الثانية إدين هازار بلجيكا مع جاريث بايل ويلز. وفي الثالثة، يقود الحارس العملاق جانلويجي بوفون إيطاليا أمام الألماني توماس مولر ورفاقه، فيما يتوعد أنطوان جريزمان منقذ فرنسا في ثمن النهائي أمام أيرلندا، الضيف الأيسلندي الخارق ومهاجمه كولبين سيجثورسون. يمتلك سيجثورسون، اللاعب رقم 9 في منتخب الفايكينج، وجهاً طفولياً، لكنه دمر طموحات الإنجليز في نيس (2-1)، وتسبب باستقالة مدرب «الأسود الثلاثة» روي هوجسون بعد المباراة مباشرة. قال مدافع أيسلندا كاري أرناسون: «لقد أذهلنا العالم»، إثر زلزال جديد ضرب بريطانيا بعد يومين على تصويت الخروج من الاتحاد الأوروبي. لم يتوقع مدرب فرنسا ديدييه ديشان أن يواجه أيسلندا في ربع النهائي الأحد على ملعب «استاد دو فرانس» في ضاحية سان دوني الباريسية. لكن بعد صدمة الثلاثاء، لن يستهين لاعبوه بفريق الجزيرة الشمالية الصغرى البالغ عدد سكانها 330 ألف نسمة، خصوصا بعد تخلفهم بهدف أمام أيرلندا وانتظارهم لمحتين ماهرتين من جريزمان في غضون ثلاث دقائق لقلب النتيجة. يقول المدافع الأيسلندي راجنار سيجوردسون صاحب هدف التعادل في الدقيقة السادسة من مباراة إنجلترا: «فرنسا؟ أنتظر مواجهة فريق جيد، مشابه لإنجلترا ربما. لم تقدم فرنسا بعد أفضل مستوياتها. يجب أن نهاجم أكثر». نجاح أيسلندا الباهر يزيد من فداحة تصريحات البرتغالي رونالدو، الذي اعتبر بعد تعادله معها 1-1 في الدور الأول أنها لا تجيد سوى الدفاع، ووصف لاعبيها بأصحاب «العقلية الضيقة» الذين لن يحققوا شيئا في البطولة، ما فتح عليه نيران الانتقادات. لكن رونالدو والبرتغال أبعدتهم القرعة عن أيسلندا و»شرها» في الأدوار الإقصائية؛ إذ تستعد البرتغال بعد تخطيها المفاجئ نوعا ما لكرواتيا، لمواجهة بولندا التي بلغت ربع النهائي لأول مرة في تاريخها على حساب سويسرا بركلات الترجيح. ألمانيا والعقدة لم تبتسم البطولات الكبرى أبدا لألمانيا في مواجهة إيطاليا، وهي تنوي حل هذه العقدة السبت في بوردو. في كأس العالم، فاز الطليان 4-3 في نصف نهائي 1970 في مباراة مشهودة، و3-1 في نهائي 1982 عندما أحرزت إيطاليا لقبها الثالث، ثم 2-0 في نصف نهائي 2006 على الأراضي الألمانية في طريقها إلى اللقب الرابع، وفي نصف نهائي النسخة الأخيرة من كأس أوروبا فاز الطليان 2-1 بهدفي ماريو بالوتيلي. لم يسبق لألمانيا، بطلة العالم في 2014، أن تفوقت على إيطاليا في مسابقة كبرى، وقد خسرت أمامها 15 مرة في مجمل مواجهاتهما في 33 مباراة وفازت 8 مرات فقط. إيطاليا المتهمة دوما بتقدم لاعبيها في السن، خصوصا خطها الخلفي مع الحارس جانلويجي بوفون (38 عاما)، وثلاثي الدفاع المرعب جورجيو كييليني (31 عاما) وأندريا بارزالي (35 عاما) وليوناردو بونوتشي (29 عاما)، وضعت حدا لحقبة إسبانية ذهبية وأقصت حاملة اللقب بهدفي كييليني وجراتسيانو بيلي. بعد توسيع عدد المشاركين إلى 24، شهد الدور ثمن النهائي مشاركة بعض الوجوه غير الاعتيادية على غرار بولندا وسويسرا وأيرلندا الشمالية والمجر وأيسلندا وجمهورية أيرلندا وسلوفاكيا، لكن بحال حققت المنتخبات الكبرى انتصارات في ربع النهائي، قد يشهد المربع الأخير مواجهتين ناريتين بين ألمانياوفرنسا أو إيطالياوفرنساوبلجيكا مع البرتغال. يطمح رونالدو إلى مواصلة مفاجآت «سيليساو» وتسجيل هدفه التاسع في أربعة نهائيات ليعادل الرقم القياسي للفرنسي ميشيل بلاتيني (سجلها كلها في 1984). لكن مباراة مارسيليا غدا الخميس لن تبدو سهلة أمام بولندا الطامحة وصاحبة دفاع قوي؛ إذ لم تهتز شباكها سوى مرة واحدة في أربع مباريات، ولو أن نجمها الأول روبرت ليفاندوفسكي لم يعرف بعد طريق الشباك. أما ويلز، فتحلم بيوم جيد لهدافها وملهمها جاريث بايل الذي نقل موسمه الرائع مع ريال مدريد الإسباني إلى المنتخب الويلزي طري العود في المسابقة القارية، الذي تخطى أيرلندا الشمالية بصعوبة في الدور الثاني بهدف عكسي. لكن مشوار «التنانين» سيصطدم ب «شياطين» بلجيكا صاحبة أفضل ترسانة على الورق والباحثة عن لعب جماعي يقودها إلى لقب أول في البطولات الكبرى.