رحم الله من توفته المنية في شهر الخير والبركات، وألهم الله أهلهم الصبر والسلوان، وأسكنهم فسيح جناته إنه كريم جواد، وغفر الله لميتكم أينما تكونوا، فقد كثر الموت في رمضان ولكنه موت جاء بعدة أشكال وألوان، منها ما هو موت طبيعي وقضاء الله وقدره، ومنه ما هو موت تهتز له أركان السموات وجبال الأرض.. موت يكون فاجعة لذوي القربى، ومن حولهم وفاجعة للبعيدين جداً من جراء وهول الجريمة.. مُصابكم مُصابنا فما جرى الجُمعة الماضية من حزن وألم لن يصيبكم ولم يصبكم بمفردكم فقد أصاب الأُمة برمتها وأيقظ مشاعر الأُبوة، وعطف الأم وحنانها قلوب الملايين.. أضحت شوارعنا، ومقالاتنا، وتغريداتنا تبكي الأُم، وتبكي الإسلام، وتبكي التربية والأحضان تبكي من هول الصدمة، وقوة الجريمة التي هزت الرياض بدرجة 11 فما فوق، لتطال وتتحرك منها وبسببها جبال طويق والمناطق الشرقية والغربية والجنوب، كانت الهزة أشبه بعاصفة امتطت البحار لها فيضاناً ليتحول الموج الى أدمُع لتغرق القلوب، وتبلغ الحناجر تدعو في ليالي هذا الشهر الكريم أن يسود الأمن والأمان أُمة الإسلام والمسلمين، وأن يكفينا شرور الأعداء، وتلهث الأُمهات تضرعاً إلى الله أن يلبس أبناءها لباس التقوى والهداية وأن يحميهم من أفكار الدواعش وأصحاب السوء..! «فجيعة الجُمعة» جعلت من كل فتاة تنظر إلى أخيها نظرات شكّ وريبة، وجعلت من الأب يُراقب ابنه أشد من ذي قبل تصرفات الأبناء تحت المجهر، وهو ما يُريده الدواعش «زعزعة الأمن والاستقرار الأُسري» ومن ثم خلق الشكوك والانقسامات بين الأُسرة ليلجأ الأبناء إلى أجهزتهم، ومن ثم إلى مُنقذيهم ومن يزرعون أفكارهم بالسموم والأفكار الهدّامة، وبعد أن تتهشّم الرؤوس، ويقتل الأبناء أُمهاتهم، وأخواتهم نقول ليتنا تمكنّا من الالتفات إليهم ويضحك الدواعش من تصرفاتنا ويُهللون من انتصاراتهم واختراقاتهم لأُسرنا..! منازلُنا أصبحت مكشوفة للقاصي والداني، لعدة أسباب أولها: عشرات الأجهزة التي في متناول أولادنا والغالبية دون رقيب أو حسيب..! وثانيهما: البُعد الروحي بين الأبناء ووالديهم وفقدان «الحوار الراقي» والتفاهم بين أفراد الأسرة ومن ثم إيجاد فجوات يستطيع الدواعش وغيرهم من اختراقها وملئها بالسموم والأفكار الهدّامة.! والثالث: عدم مُراقبة الأبناء وأجهزتهم مُراقبة لا تدعو للشك والريبة، بل خلق نوع من الثقة واستخدام أسلوب المُشاركة، والتفاعل معهم في ألعابهم ومشاريعهم الإلكترونية، ومُشاطرتهم سويعات أفراحهم، وردم الفجوة بينهم وأن نجعل من الأُسرة مكاناً آمناً للجميع يُمارس فيه كُل فرد حقوقه وواجباته، ونشاطاته بكل حُرية وأمن وأمان واستقرار. ورابع الأسباب التي تجعل من بيوتنا مُحصنة: الاحتواء، وزرع الحُب بين أفراده، والتغاضي عن الأخطاء الصغيرة وعدم إثارة المشكلات بين الزوجين، والبُعد «كُل البُعد» عن الصراخ، والشجار، والجدال في حضرة الأبناء، فالواجب أن تكون الأُسرة غارقة في الحُب نشيطة في التعامل مع أفرادها بأساليب الود والاحترام، والتقدير.. والأهم من ذلك إبعاد الأبناء والبنات عما يطرأ من سوء فهم بين الزوجين حتى لا يلجأوا الى الآخرين ليحتموا بهم ويكونوا عرضة للابتزاز..! الخامس: زرع ثقافة القراءات المُفيدة والنقاشات العامة، والحوارات بين أفراد الأُسرة، وجمع العائلة في أوقات مُختلفة، والاستماع «والإنصات لهم» من أهم الحُلول أن تكونوا مُنصتين لأبنائكم ولا تتذمروا من كُثرة أسئلتهم بلّ اجعلوا منها مفاتيح للقلوب والحوار، وشاطروهم إجاباتكم وأسئلتكم، وامتدحوا طريقتهم بالسؤال والتفكير، فهذه من أنجع وأفضل الحلول لكيلا يلجأوا إلى الآخرين للبحث عن الإجابات..! سادسا: لا تستهينوا بألعاب الكمبيوتر وأجهزة «اللاب توب»، والبلاي ستيشن ففيها والله من الغث ما يجعل المرء يمسك رأسه من هول الصدمة، وهؤلاء الدواعش لديهم عديد، بل ملايين الأساليب لاختراق البيوت فكونوا على حذر..! سؤال أختم به مقالتي: «أين وصلت التحقيقات مع هؤلاء الدواعش، من قتل أمه، وأباه، وأُخته وأخاه نُريد أن ندرس حالاتهم النفسية، والاجتماعية، وتُعلن للملأ، فأمن الوطن خط أحمر لا مساس به، ونُريد أن يعلم الجميع كيف يُفكر هؤلاء.. وكيف وصلت إليهم أفكار الدواعش، ومن أين أتت كي يتحاشاها الآباء مُستقبلاً.. فهل ننعم بالشفافية ونحصل على المعلومات الوافية.. نتمنى ذلك.