قبل أيام كنّت أتابع برنامج بروفايل الذي يعرض على القناة الإخبارية، وشاهدت لقاء الأستاذ عبدالعزيز السعد العجلان وهو يتحدث للمشاهدين عن قصة تأسيس إمبراطورية العجلان وعن ودخول شماغ البسام للمملكة. شماغ البسام يرتبط بي أنا شخصيا بعلاقة وطيدة واسمية فكلما عرفت أو التقيت وهممت بتعريف عن اسمي لدى أحد إلا ويسألني «أي بصمة» هل أنت من عائلة «راع الشماغ»؟. لفت نظري في ذلك اللقاء أنني كنت أعتقد أن الأغلبية من التجار يتسمون بالكبر والغرور والأنفة والادعائية ويسوقون على العامة مثالياتهم وقصصهم المشروخة ويمررون على الناس فلسفتهم وعصاميتهم الواهية للناس بأنهم كيف بدأوا من الصفر وكيف نحتوا في الصخر من أجل تكوين تلك الثروات، ويعلم الناس جيداً أن من يتحدث بتلك الطريقة هو وراث من أبيه جعله ثرياً. ولكن السيد العجلان خالف كل تلك المثاليات فتحدث بكل أريحية وصدق، وكان واضحاً وشفافاً ومتزناً صادقاً أنه ولد لأب تاجر بدأ العمل التجاري منذ أن كان عمره 11 عاماً كمراسل بين المحال والزبائن، ثم عمل أميناً للصندوق ومشرفاً على مكتب والده حتى وفاته، وكان عمره في ذلك الوقت 20 عاماً، فورث تجارة قائمة. وكيف أن والده كان الداعم الأكبر له وعرّج في مجمل حديثه عن أنه تعرض الاحتيال لقلة خبرته عن تلك النصبة التي تعرض لها من قبل التجار الهنديين، وهو يتحدث كيف كان يتعامل معه والده الذي أرسله لجلب بضاعة من الأشمغة. فلم يدعِ على الناس أنه كان تاجراً شاطراً وذهيناً وفطيناً ومن المستحيل النصب عليه كما يفعل بعض التجار الذين يدعون أنهم «مفتحين باللبن». لفت نظري في ذلك اللقاء تلك الثقافة الهائلة والواسعة التي يتمتع بها. والاهتمام النهم بالقراءة التي باتت ظاهره على حديثه السلس الذي يوحي لك وكأنك تشاهد لقاء لأديب أو مفكر مليء بالثقافة لا يخلو من الفكر والحكم والفلسفة، خصوصا تلك الجملة وهو يقول «المال لا يفرق إلا الضعفاء»، فليت كثير من رجال الأعمال يطلعون على تلك النماذج العصامية الصادقة لا المزيفة.