«لقد استعرضت حياتي في هذا العمر كشريط سينمائي طويل مر أمامي فلم أجد علاقة تستمر بيني وبين أحد، ولا علاقة تستحق أن يُحافظ عليها، إلا علاقتي بالله وحده.. هو الذي كان معي قبل أن أولد، وسيظل معي بعد أن أموت، وهو وحده الذي يتولى جميع شأني من قبل أن أعي معنى الحياة وبعد أن أغادرها.. وليس لأي شيء في حياتي معنى ولا لذة ولا قيمة إذا لم يكن خالصاً له وطلباً لرضاه.. فتلك حلاوة الإيمان التي هي أعلى وأعظم اللذات في الدنيا.. ومن حرم منها فقد حرم شيئاً عظيماً..»! علي الطنطاوي ** تعلمت الصبر من صبي صغير: ذهبت مرة إلى المسجد فوجدت امرأة داخل دارها تضرب ابنها وهو يصرخ.. ففتح الباب وهرب فأغلقت دونه الباب. فلما رجعتُ نظرتُ، فلقيت الولد بعدما بكى عاد ونام على عتبة الباب يستعطف أمه فرق قلب الأم ففتحت له الباب.. فلو صبر العبد على باب الله عز وجل لفتح الله له! الفضيل بن عياض ** بلغنا أن الباكي من خشية الله لا تقطر من دموعه قطرة حتى تعتق رقبته من النار، ولو أن باكيا بكى في ملأ من خشية الله لرحموا جميعا، وليس شيء من الأعمال إلا له وزن إلا البكاء من خشية الله فإنه لا يُقوِّم الله بالدمعة منه شيء. الحسن البصري ** جدوا بالدعاء فإنه من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له أبو الدرداء رضي الله عنه ** هاهم السعداء المختارون، يستعدون لنيل الجائزة، يملأون مراكبهم بنفيس متاعهم، وأجود مالهم وأعز ما ملكت أيديهم. يضعونها في صناديق إخلاصهم ويغطونها بلفائف خشيتهم وإشفاقهم، يربطونها بدقائق أسرارهم وعظيم أمنياتهم ويعطرونها بقطرات من دمع الخشية والرهبة حيناً والشوق والرجاء أحياناً. رغم أبواب المساجد المفتوحة، ونداءات الخير المتكررة، إلا أنهم قلة، اختارهم مولاهم لصحبته، فأصمهم عن ضجيج الدنيا، وأعماهم عن بهرجتها وزخرفها، عرفوا اللذة العظمى في القرب منه، والمتعة الكبرى في مناجاته، والرجفة التي لا تشبهها رجفة عندما يتوحد البدن والنفس والروح في موجة واحدة مع التلاوة والذكر، فيسري النور الإلهي في القلب والنفس والخيال، ويتوحد الحاضر والماضي والمستقبل في لحظة نورانية لا تنتمي لهذا الكون، ويسري وهجها في اللحم والدم والعروق. ذاقوا فعرفوا فلزموا، لزموا التذلل بين يدي الرحيم المنان، باحوا بالسر واعترفوا بالذنب وألحوا في الطلب، فجاءهم العطاء قبل أن يرفعوا رؤوسهم أو يمسحوا دموعهم، سكينة ورضا وبهاء لا يشبهه بهاء. ** تراهم كل يوم حولك، سيماهم في وجوههم، في ابتساماتهم، في إشراقة عيونهم، تدعوك قلوبهم وأرواحهم لتكون رفيقهم في متعة المناجاة القادمة، لتذوق من عذب ما ذاقوا ولتنسى عذابات دنياك ولو لدقائق. لتخلع نعلي الهم والكبر والخوف على الفانية وتدخل رحاب الحياة الحقيقية ولو لمرة واحدة في هذا الشهر المبارك. ** لسان حالهم يقول يا بني اركب معنا… فمن فينا السعيد الذي يلبي النداء؟ ومن هو الشقي الذي يقول سآوي إلى دنيا أصيبها؟!