أكد الشاعر والكاتب أحمد الواصل أهمية فوز كتاب دراسات أنثروبولوجيا ثقافية متخصصة في فن الأداء الغنائي والموسيقي بجائزة وزارة الثقافة والإعلام عن فئة الفنون. وقال إن ذهاب الجائزة لكتاب “تغني الأرض: أرشيف النهضة وذاكرة الحداثة”، يعني أنها “كسرت الحاجز الموهوم بيننا وبين دور الفنون الحضاري، أو استخدمت مفتاح الموسيقى لبوابة ضخمة نطلع من خلالها سلالم إلى جميع الفنون”. متاحة لجميع الفنون وحول ما إذا كانت ستبقى جائزة الفنون مختصة بالدراسات الغنائية والموسيقية، أوضح الواصل أنه لا يجزم بذلك، ويعتقد أن الجائزة ربما تكون “متاحة للفنون الأدائية والحركية والبصرية، ولاحقاً الرقمية بكل أنواعها التقليدية (الغناء والتمثيل والرقص والرسم)، وأدوارها الموازية (التلحين والإخراج والتصميم والتصوير وسواها)”. معللاً ذلك بأن حقول الجائزة عندما تستعرض، “فهي تدور حول العلوم الإنسانية والاجتماعية، وبغض النظر عن التصنيف المدرسي، والصفة التكريمية في بعض مستهدفيها، فإن لبعض المجالات أو الحقول تعددية ونسبية. فإن قلت (فئة الأدب) أي كل ما يندرج ضمن إطار الفكر والسرد والشعر والنقد”. الكتاب الفائز وعن مضمون كتابه الفائز بالجائزة، قال الواصل إنه “يعد الجزء الثاني المكمل لكتاب “سحارة الخليج” (2006)، ويتضمن ستة فصول، تعتني بتهميش تجربة غناء المرأة ومعوقاتها ومستقبلها، وتطرح قضايا الحداثة والاغتراب والجنوسة في أعمال شخصيات محددة. فالأول يدرس تاريخ غناء المرأة في الجزيرة لمائة عام وهو بعنوان “نون الغناء في الجزيرة العربية”. والثاني لفن السامري نموذجاً. والثالث يدرس تجربة صوت الأرض طلال مداح. والرابع يدرس تجربة المغنية رباب. والخامس لتجربة خالد الشيخ. وأما الفصل الأخير فلتجربة عارف الزياني”. وأشار الواصل إلى أنه سبق ونشر بعض مواد الكتابين في الصحف ومجلات متخصصة وعلمية محكمة، كما سبق تحضير بعضها لمحاضرات وأوراق عمل، مؤكداً أن “الكتابان طافا بي أكثر من مركز علمي ومهرجان ومؤتمر وملتقى على مستوى عربي انطلق من مدن الخليج، ودفعا إلى نشر دراسات بلغات أخرى مثل الإنجليزية والألمانية”. وعن جديده، أوضح الواصل أنه يحضر حالياً لتأليف أكثر من كتاب، أحدهما عن “الأغنية السعودية” والآخر عن “أغنية الثمانينيات”. اهتمام المتلقين وحول معرفة مدى اهتمام المتلقين عامة، بهذا النوع من الدراسات، قال الواصل: “لو كنت مركزاً متخصصاً بالإحصاء لأعطيتك رقماً بعد دراسة ميدانية قياسية. ولكن هذه المسألة تحكمها شروط مختلفة بداية من نوع المنتج الثقافي ومنتجه، والمستهدفون منه، والمتحقق من التجربة، والمتفاعل معها وطرق ووسائل الإنتاج المتيحة والمانعة”. وأضاف “أن تجربة البداية من عمر صغير (منذ عام 1996)، مع تطور التجربة النقدية واستمرار التعلم والتثقف، وتنوع التغذية المعرفية، كُشف لي أن الاعتماد على منفذ تواصل مستمر، أي الصحافة الثقافية ورقية أو شبكية، وتكريس التجربة النقدية بالكتب، بالإضافة إلى تنوع الإنتاج من المقالة إلى المحاضرة حتى الدراسة، أكسبني صداقات وعداوات لا بد منها”. رؤية مختلفة للغناء وعن وجود موقف مضاد للموسيقى والغناء يستند على بعض الآراء الدينية، وتقف بجانبه شريحة ليست قليلة من المجتمع، قدم الواصل رؤيته حول هذا الأمر، وقال: “التأمل في هذه المسألة هو أن المرونة في فهم وتفسير وتأويل النص القرآني، تتيح الإجابة بأن الموقف السلبي من الشعراء مثلا، المرتبط في فترة محددة، لم يوقف الشعر عن مسيرته. كما لا ننسى أن الخطاب القرآني يكرّم الصوت الجميل بإنكار الصوت القبيح (في سورة لقمان)، والأداء الحسن بالمطلق في لفظه وتنغيمه (في سورة المزمل)، وبعض المواقف النبوية تؤكد الموقف الإيجابي من مظاهر الاحتفال في الأفراح، غناء ورقصا. فضلا عن أن الأديان السماوية هي من يدعم الآداب والفنون، فهي توظف كتابة السرديات والشعريات والحواريات والتمثيليات، والأدائيات الحركية والنغمية والبصرية، وهي بهذا تقف في صف الإنسان دائما”. موضحا أنه دلل على هذا الأمر في محاضرته الأخيرة، التي ألقاها في الملتقى الثالث للمثقفين السعوديين في ديسمبر الماضي بعنوان “الفنون تتحدى الزمن”. الشعر أولاً ورغم أن الواصل مهتم بفنون متعددة (الغناء والموسيقى والنقد والرواية والقصة)، إلا أن الشعر يظل الأساس لديه، حيث قال: “أبدأ وأنتهي إلى الشعر”. وأضاف “هو من قاد عملية الكتابة في كل ما أكتب، ولم يظهر منه سوى القليل. الشعر كون كبير يضم داخله الأدب والفن والآثار والصناعة والعلم والحياة. وأما ما يخص تطوير المنتج الثقافي، فلا يغيب عن الذهن أنه عملية معقدة تتفاعل بينها الموهبة والمعلومات والذاكرة والثقافة والتعليم والتدريب والتجربة”. الواصل يذكر أن أحمد الواصل يعد واحدا ممن أثروا مجال الدراسات الغنائية والموسيقية، بمجموعة كتب وبحوث، كان باكورتها كتاب “الصوت والمعنى” (2003)، الذي اعتنى “بمفهوم التلقي والأرشيف والذائقة الفنية وقضايا تسييس الغناء والتراث والحداثة”، كما صدر له كتاب “يبحث في مفهوم جديد عن صناعة الهوية عبر الغناء من خلال دراسة لأسماء عربية تغطي مسيراتها الثقافية قرنا كاملا” بعنوان “الرماد والموسيقى” (2009)، وله دراسة عن “الراب السعودي” باللغة الإنجليزية والألمانية. وقدم 16 كتابا للمكتبة العربية في الشعر والسرد والنقد. غلاف جوانا - ميدان