في بعض الدول العربية يتم تداول مثل شهير يقول: «إذا بدك شَي لازم تعوف شَي». أي إذا أردت شيئاً فلابد أن تتخلى في المقابل عن شيء آخر. مدى محاكاة هذا المثل الواقعَ نراه حقيقةً إما علينا، أو على الآخرين، فمثلاً لو كنا نملك عصا سحرية، ولوَّحنا بها في الهواء مرتين على أشخاص آخرين لانكشف لنا مدى تضحياتهم، وتنازلاتهم التي قدموها في الحياة مقابل حصولهم على أشياء أخرى، فالعلماء الذين أبهرونا باكتشافاتهم، وشهرتهم منقطعة النظير يشتركون في غالبيتهم في تقديم تضحية ما في سبيل الوصول إلى تجسيد أفكارهم على أرض الواقع، فمنهم مَنْ هاجر عن وطنه وأهله وأحبته إلى دول أخرى استقطبتهم ودعمتهم، وهناك أصحاب المال والأعمال والنفوذ الذين بنوا أعرق الشركات التي انتشرت حول العالم تعرض منتجاتهم، تضحيتهم كانت في الابتعاد عن أسرهم، وبالتالي خسارة أجواء «اللمَّة والألفة»، في حين نرى أشخاصاً آخرين تخلوا عن «أناس مهمين» في حياتهم لأنهم أشبعوها نكداً وشقاءً وبؤساً فلم يعدد أمامهم إلا أن «يعوفوهم» من أجل الحصول على حياة هانئة وسعيدة. أذكر هذا «المثل» لتطبيقه على الخطة الحالية للدولة في التخفيف من الاعتماد على النفط، وعدم جعله مصدر الدخل الوحيد للدولة، واستبداله بمصادر متنوعة، بهدف استمرار الميزانية قوية كما عهدناها، وتخفيف أعباء الإنفاق على الدولة، وتوفير الوظائف، ومحاربة البطالة، وتوسيع قاعدة الاقتصاد، وتوفير عوامل التنمية المستدامة. أما نحن: فهل استغنينا عن شيء في مقابل الحصول على شيء آخر؟ ربما تتسم الإجابات بالفرح فما حصلنا عليه أفضل مما تخلينا عنه، أو تتسم بكثير من الندم «فيا ليتنا لم نَعُفْه».