سأحدد كأي مشجع سعودي أسباب احتضار الكرة السعودية وتردي مستوياتها لدينا في المنتخب وفي الأندية، ولن أتطرق للاعبين نهائياً، لأنهم في تقديري “مظلومون” وليس لهم ذنب لأنهم “عود من عرض حزمة”! بل أطالب بشكرهم، فرب ضارة نافعة، ولا ننسى قول الله “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرٌ لكم”. كرة القدم في السعودية تحتضر إدارياً وفنياً، والعقول النيّرة غائبة، أو بالأحرى “مغيّبة” عن العمل في الاتحاد، وأسباب هذا الإحضار من وجهة نظري ما يلي: الإبقاء على عقليات قديمة تدير الكرة لدينا، فمع احترامنا لكل شخص عمل في الاتحاد السعودي ولما قدموه من عمل، إلا أننا نقول بلسان حال الربيع العربي: ارحل! الدكتور صالح بن ناصر وأحمد عيد وإبراهيم الربدي، لقد هرمنا ونحن نراهم في رعاية الشباب. باختصار نريد جيلا محترفا. الذين كانوا يعملون كهواة وعاشوا في ذلك الزمان، نريدهم أن يرحلوا مع كل الود والحب، ويجب أن نقدم لهم الشكر على ما قدموه. من الأسباب أيضاً، عدم استقطاب أصحاب الخبرات المميزة، أصحاب العقول المتفتحة، ليعملوا في لجان الاتحاد السعودي لكرة القدم الكثيرة، فلماذا لا يستقطب القانوني محمد الدويّش والجريء صالح الطريقي وهما حالياً لا يشغلهما أي شاغل؟! ولماذا لا يستقطب أصحاب الآراء الفنية المتميّزة، مثل الكابتن خالد الشنيف والكابتن ماجد عبدالله والكابتن نواف التمياط والكابتن محمد عبدالجواد والكابتن محمد الدعيع للعمل كمستشارين فنيين لجميع الأندية عند رغبتها في التعاقد مع مدرب أو لاعب؟ بالإضافة لعملهم كمستشارين لمدربي المنتخبات ويكون لهم رأي في اختيار مدربي المنتخبات كذلك؟. ونريد شبابا يعملون في الاتحاد بروح جديدة ومتطورة. من الأسباب أيضاً فشل ترتيب المسابقات وتوزيعها، فاللاعب السعودي يلعب سنتين وثلاثة بدون توقف! حتى إنهم ملّوا اللعب، وكرهوا الكرة كما يقول أكثرهم في مجالسهم الخاصة! اللاعب السعودي من بني البشر، لديه أبناء وزوجة وله أقارب وعليه مسؤوليات اجتماعية مثله مثل غيره، ولكنها معدومة بالنسبة له، بسبب كثرة المشاركات والمنافسات غير المبررة! هل تصدّقون أن بعض اللاعبين لا يرى إخوانه وأقاربه إلا في العزاء، حتى الأعياد لا يراهم فيها، فكيف تريدونه أن يقدم ويعطي؟! من الأسباب أيضاً عدم تطبيق الاحتراف الحقيقي والكامل، فنرى رئيس يأتي “فزعة” ومدير كرة “هاوي” يديرون لاعبين محترفين ويطالبونهم بما لا يطالب به “جوارديولا” لاعبيه ؟! (لا تنهَ عن خلق وتأتي مثله... عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ ) رئيس وإداري يقولان للاعبين إياكم والسهر وهما يسهران في الاستراحات إلى “طلوع الشمس”؟! من الأسباب أيضاً عدم وجود دعم مالي كبير للأندية، فدخل رعاية “زين” مليارات، ودخل النقل التلفزيوني مليارات، ودخل الإعلانات ملايين كثيرة، والرؤساء يقولون “لم يأتنا شي”! فمن نصدق؟! بناءً على هذه المداخيل العالية والتي تعادل ميزانيات دول متعددة، فدخل أندية زين لا يقل عن 15 مليون ريال سنوياً، ودخل أندية الأولى عشرة ملايين ريال، ودخل أندية الثانية والثالثة ثلاثة ملايين ريال، فلو حسبناها كم سيكون مجموعها؟! أعتقد لاشي مقارنة بما يرد، كما يجب أن تكون الخدمات المقدمة للجمهور مجانية، فالدخل مليارات سنوياً، والملاعب استعادت حقها من دخل الجماهير منذ سنوات، فلماذا لا يكون دخول الجماهير لمباريات دوري زين مجاناً؟ من الأسباب كذلك عدم تقبل آراء الإعلاميين الصادقين في طرحهم، بل ربما يقال عن الناقد الإعلامي إنه ليس عنده وطنية! ومن الأسباب كذلك عدم تثقيف اللاعب السعودي، فماذا قدّم الاتحاد وماذا قدّمت الأندية من تثقيف للاعبين ؟! أكاد أجزم أنهم لم يفعلوا شيئاً! كذلك عدم تغيير بعض السياسات التي عفى عليها الزمن، وأقرب مثال مدرب المنتخب، فلا أدري لماذا نصر على أن يكون مدرب المنتخب مدرب إعداد؟! فالإعداد يكون في الأندية، والمنتخب يأخذ نتاج الأندية، مما يعني أن المعسكرات الطويلة وتجريب اللاعبين، وتأجيل الجولات، وتكرار السياسات، كله يعتبر تخبطا كبيرا من المسؤولين! كذلك عدم تطوير الرياضة المدرسية ورياضة الأحياء، التي لم تجد أي اهتمام من رعاية الشباب ولم يتم إنشاء لجنة تهتم وتختص برياضة الأحياء، علماً بأننا أكثر الناس”اخترعاً” للجان، لكن سبحان الله هذه عجزنا عن تكوينها ؟! من الأسباب أيضاً المثالية الزائدة و”النفخ” في المسؤولين واللاعبين، فنحن نعيش انحداراً في المستوى الفني، ومع هذا لا زلنا نكرر عبارات: نحن أسياد آسيا، نحن أفضل منتخب آسيوي، كأس العالم لعبتنا، وغيرها من الجُمل التي عيشتنا في أبراج عالية ونحن، من أقلّ المنتخبات الآسيوية من الناحية الفنية. إنّ ما ذكرته هو مجرد مشاعر من مواطن سعودي يغار على بلده وعلى رياضة بلاده، ويريد أن يراها في أبهى حُلّة على جميع المستويات.