قضت محكمة دولية بالسجن 40 عاماً على الزعيم السياسي السابق لصرب البوسنة، رادوفان كرادجيتش، وهو ما اعتبرته الأممالمتحدة "يوماً تاريخياً للعدالة". وأدانت محكمة الجزاء الدولية كرادجيتش ب "ارتكاب إبادة جماعية" و"9 جرائم أخرى مصنَّفة باعتبارها جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب" خلال حرب البوسنة. ورأى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في الحكم إشارة قوية موجَّهة إلى كل الذين يتولون مناصب مسؤولية "بأنهم سيُحاسَبون على أعمالهم". وذكر الأمين العام، في تصريحاتٍ له، أن الإدانة برهنت على أن "الفارين من العدالة لا يمكن أن يفلتوا من العزيمة الجماعية للمجتمع الدولي الحريص على إحالتهم للعدالة بموجب القانون". وأعلن القاضي، أو-غون كوون، أن محكمة الجزاء حكمت على كرادجيتش بالسجن 40 عاماً بعد إدانته ب "ارتكاب إبادة في سريبرينيتسا في عام 1995، و9 جرائم أخرى تتعلق بالقتل والاضطهاد واحتجاز رهائن". بدوره؛ أخبر محامي المدان، بيتر روبنسون، صحفيين بأن موكِّله "فوجئ وخاب أمله" وسيستأنف الحكم. لكن ما شكَّل خيبة أمل لآلافٍ من الضحايا هو إعلان المحكمة عدم توصلها إلى يكفي من الأدلة لإثبات ارتكاب إبادة "على وجه اليقين" في 7 بلدات بوسنية أخرى قبل 20 عاماً. وتنتهي بذلك محاكمة تاريخية أمام المحكمة لأكبر مسؤول تقاضيه على جرائم وقعت خلال حرب البوسنة؛ بعد وفاة الرئيس الصربي السابق، سلوبودان ميلوشيفيتش، خلال محاكمته في عام 2006. واستمع كرادجيتش البالغ 70 عاماً، دون أي تعبيرٍ على وجهه، إلى القاضي وهو يقول "إنه يتحمل بشكل جليَّ مسؤولية جنائية" في قتل وخطف عناصر من قوات الأممالمتحدة لحفظ السلام. وأبان القاضي أن المدان كان "على رأس هيكلية سياسية وحكومية وعسكرية" في القيادة الصربية في البوسنة و"كان في منصب قيادي يتيح له تعزيز عقائدها والترويج لها". وكرادجيتش، الذي تولى الدفاع عن نفسه خلال المحاكمة، كان زعيم جمهورية صرب البوسنة. وينسب محضر الاتهام إليه أنه كان يريد تقسيم البوسنة وطرد المسلمين والكروات نهائياً من أراضٍ يطالب بها الصرب. وقبل صدرور الحكم؛ أكدت منيرة سوباستش من مجموعة "أمهات سريبرينيتسا" تطلُّعها إلى "تحقيق هذه المحكمة مهمتها في وضع هذا الرجل وراء القضبان لأنه قتل أولادنا". وأبدى مفوض الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، زيد بن رعد الحسين، بالحكم، معتبراً أنه "ينطوي على دلالة كبيرة لأنه يدحض كل الادعاءات بأن المدان كان يتولى التحريض السياسي ليس أكثر؛ ويكشفه على حقيقته: مهندس دمار وقتل على نطاق واسع". ولاحظ الحسين، في بيانٍ له، أن "كرادجيتش أدين بعد 21 عاماً"، مشدِّداً "الحكم تعبير قوي على التزام الأسرة الدولية بالمحاسبة". ونسب البيان إلى المُدان "تنظيم وتنسيق احتجاز واغتصاب وتعذيب وقتل الآلاف" و"قصف المدنيين ومحاصرة سراييفو" و"التدمير الكثيف للممتلكات بما فيها أماكن العبادة الإسلامية والكاثوليكية". وبالمثل؛ رحَّب مدعي جرائم الحرب لدى الأممالمتحدة، سيرج براميرتز، بالحكم، قائلاً "لقد تم إحقاق العدالة". وعُقِدَت الجلسة التي حضرها أكثر من 200 صحفي ونحو 100 دبلوماسي ومراقب في لاهاي الهولندية وسط إجراءات أمنية مشددة. وعلَّق شرطي "إننا في حالة إنذار إضافي" بعد اعتداءات بروكسل الثلاثاء. واتُهِمَ المُدان، الذي درس الطب النفسي، خصوصاً بالإبادة بعد مجزرة سريبرينيتسا التي قُتِلَ فيها نحو 8 آلاف رجل وفتى مسلم في يوليو 1995، وهي أسوأ مجزرة شهدتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفرَّ كرادجيتش طيلة 13 عاما من القضاء حتى توقيفه على متن حافلة في بلغراد في عام 2008 بتهمة الإبادة في شرقي البوسنة.