عالميّاً لا يهاجر البشر إلى البلدان الأخرى إلا طلباً للمعيشة أو الاسترزاق، أو هرباً من القمع وتكميم الأفواه أو لطلب العلم أو للبحث عن حياة كريمة تجلب الحرية والاستقلالية في الرأي، وإذا دققنا في الواقع نجد أن الهجرة عكسية بخلاف المنطق الشرعي من أرض الرسالة إلى الغرب! تعود الحياة اليوم لطبيعتها بعد إجازة بسيطة ورغم قصرها الشديد كقيلولة ظهيرة حيث يسميها الغرب مجازاً «Forty winks»، إلا أن خروج السعوديين للخارج بكميات وأعداد كبيرة يؤكد أن هناك خللاً في الداخل!! الأشهر الماضية فُجع المجتمع السعودي بجرائم القتل التي حدثت من الدواعش لمن يقتل أباه أو خاله أو أبناء عمه لأنه عسكري ويعمل ضمن حماة الوطن، وكذلك سحل فتاة في الشوارع من قبل أعضاء جهة حكومية؛ ولكنه لم يفجع عندما ذكر عضو مجلس الشورى الدكتور صدقة فاضل بأن عدد المهاجرين السعوديين في الخارج يمثلون 5 % من عدد السكان، وهذا عدد كبير مقارنة بنسبة السكان وبدايات النمو الاقتصادي والمساحة السكانية! في دول الخليج القريبة مثل دبي والدوحة عندما تزدحم الشوارع والأسواق فإنهم تلقائيّاً يبحثون في جوجل عن الإجازات الرسمية في السعودية وبعدها يعرفون السبب!! في حائل مثلاً في مهرجان الرالي الذي يستهدف الشباب في الدرجة الأولى لصنع البهجة والفرح تم دعوة أربعة وعّاظ اثنان منهم معهما الدكتوراة الوهمية بمرتبة شرف «هلكوني» وآخران أحدهما بذيء اللسان مكفهر الوجه والآخر تاجر تفسير أحلام! وعندما يكون الأمر منفتحاً وفيه درجة عالية من الشبابية الصاخبة فإن «الشيلات» البائسة تحضر! أنا لا ألوم الشباب لو عزف وفكّر في الهجرة المصغرة في وقت الإجازات؛ لأنه كما يقول أستاذنا الروائي عبده خال «ليس هناك ما يبهج» في الداخل! علينا أن نبحث ونفكر جيداً لماذا هاجر 5 % من السعوديين للخارج ونحن نملك أفضل اقتصاد وأمان! عليناً أن نفكر جيداً قبل أن يضاف «الصفر»!!