قالت قناة الإخبارية في «خبر عاجل» على حسابها في تويتر، يوم الثلاثاء، الثامن من هذا الشهر، مارس 2016: «وزارة العمل: لا يعمل في بيع وصيانة أجهزة الجوالات وملحقاتها إلا السعوديون والسعوديات». يا سلام! شكرا، وزارة العمل كلما حاولت توريط نفسي بالكتابة في الأمور الثلاثة التي تعلمنا «ما نجيب طاريها» في المدرسة: السياسة والدين والجنس… خرجت إحدى «الجهات» لتنقذني من حماقاتي، كما – للتو – فعلت وزارة العمل. صحيح أنا «عجوز» ومتخلّف في عالم التقنية، لكن – وفي آخر مرة اشتريت فيها جوالا جديدا – كانت ابنتي هي التي طلبته لي عن طريق النت، ولم تقابل لا سعوديا ولا غيره من باقي عباد الله، ولا أظن أنه يهمها – وأقرانها من الشابات والشبان – إن كانت وزارة العمل قد أصدرت قرارا مهما، وعاجلا بسعودة محلات بيع أجهزة الجوال. سعودة بيع الجوالات.. ونسونة بيع المستلزمات النسائية.. وغيرها من الشعارات تأتي، في نظري، متأخرة وقد جاوزها الزمن. أتوقع، والله أعلم، أن أمامنا أقل من خمس سنوات لتتحول المجمّعات التجارية (المولات) إلى محلات للترفيه وللفرجة على البضائع الثمينة، وليست لبيع أي بضائع يشتريها مواطن الطبقة الوسطى، أو تستلزم قانونا من وزارة العمل لسعودتها، أو نسونتها. أما عن «صيانة أجهزة الجوالات»، فيبدو لي أن وزارة العمل لا تقرأ، أو لا تصدّق ما تقرأ، أو لا تعتقد أن بإمكان شبابنا اللحاق بتقنية العقدين الثاني والثالث من القرن الحادي والعشرين، ومستقبل الجوالات. في شهر يناير الماضي، وخلال انعقاد مؤتمر دافوس الاقتصادي السنوي، كان أحد محاور الحوار بين قادة الشركات التقنية عما يحمله المستقبل من اختراعات ستغير شكل العمل، أو كما وصف «إريك براينهولفسون Erik Brynjolfsson» مدير مبادرة الاقتصاد الرقمي في «كلية سلون للإدارةSloan School of Management»: «إن التقدم الرقمي في الحواسيب والأجهزة الأخرى ستؤثر على العقل البشري كما أثر اختراع القاطرة البخارية على عضلاتهم». إنهم – قادة الشركات التقنية – يتحدثون عن «جوالات» غير الجوالات التي تتحدث عنها وزارة العمل، التي تحتاج محلات بيعها إلى «سعودة»! جوالات المستقبل سيتم غرسها في أجسادنا، أو حتى في رؤوسنا «The mobile phone of the future will be implanted in your head»، حسب عنوان المقال الذي كتبته «مارغريت ريردون Marguerite Reardon» يوم 16 يناير 2016، أي حوالي قبل شهر ونصف الشهر من إعلان وزارة العمل لدينا بسعودة إصلاح الجوالات. لا أعتقد أني سوف أذهب إلى «كشك» في أي «مول» لإصلاح جوالي عام 2018 … فهو ليس قابلاً للإصلاح.. يا يشتغل.. يا ما يشتغل. فجوال المستقبل لا يحتوي على ذاكرة تخزين، ولا شاشة يمكن استبدالها.. فهو – كله شاشة.. لا تنكسر! وفي عام 2020، لن ترى جوالا في يد أي منا.. فكل الجوالات ستكون مدمجة في ملابسنا.. وشنط النساء.. ونظاراتهن الشمسية.. وسياراتنا التي تقود نفسها. في عام 2023، ستبدأ التجارب بحقن الجوال تحت الجلد. وهذه الشرائح هي – الآن – تستخدم تحت الجلد لمتابعة الحيوانات، وبعض الأطفال. التحدي الذي يعمل العلماء عليه هو تحويل الصورة والصوت من تلك الشرائح المحقونة تحت الجلد إلى حدقة العين، وطبلة الأذن. أظن أن سعودة مثل هذه الوظائف والمهن، المؤقتة، لا تتعدى كونها «ترقيعا» مهمته كسب نقاط قصيرة المدى على حساب التخطيط الاستراتيجي – ضمن برنامج التحول الاقتصادي – لخلق وظائف ذات دخل يؤهل شاغريها لدخول أولى درجات الطبقة الوسطى لمن هم دون التعليم الجامعي، ولوسط الطبقة الوسطى لكل خريجي الجامعات ليتدرجوا من أجل الوصول إلى أعلى الطبقة الوسطى، وبعضهم إلى رواد أعمال يخلقون، بدورهم، وظائف لأقرانهم من المواطنين.