تشهد هذه المرحلة صراعاً حاداً بين الليبراليين والإسلاميين في المملكة العربية السعودية، فالإسلاميون يشنون حملات ضد الليبراليين، يصفونهم فيها ب «التغريب، والعلمنة، وموالاة الغرب، والدعوة إلى الفسق والفجور والانفتاح والزندقة»، في حين أن الليبراليين يشنون من جهتهم حملات مضادة، يصفون فيها الإسلاميين ب «الرجعية، والتحزُّب، والتطرف، والتخلُّف، والدعشنة، والسعي إلى تعطيل التنمية وإيقافها»، وكلٌّ منهما يخوِّن الثاني، ويؤجج، ويحرض ضده، ويتصيَّد أخطاءه، ويقوم ب «تكبيرها، وتعظيمها»، والشعب السعودي في «تويتر» منقسم انقساماً كبيراً، فكل شخص يميل إلى التيار الذي يعجبه. من مميزات «تويتر» أنه اختصر «سنوات فهمية» عدة، وفرز الناس بين سيئ وجيد، فأصبح «المتعاطي معه» يعرف جيداً ما يقنعه، وما لا يقنعه. الاختلاف في الآراء شيء جميل، ويشكِّل حالة صحية متعارف عليها منذ أن بدأت الحياة، ومنذ أن وُجِدَ الإنسان على هذه الأرض، ولكن في المواقف والملمات كل الخلافات يجب أن تنتهي، ويتم تنحيتها جانباً. وهنا أسأل: هل هذا هو الوقت المناسب ل «فعش الرؤوس» بين التيارين؟! وهل الظرفان «الزمني والمكاني» مناسبان للاختلاف، والتراشق بالكلمات، واللكمات؟! البلد الآن يمر بمرحلة حساسة، ويقود حرباً في اليمن، ويستعد للمشاركة في تحرير سوريا، والعالم كله ينظر إليه على أنه «البلد القائد» للأمتين العربية والإسلامية، ولا ننسى أن هناك مَنْ يتربص بكل شاردة وواردة فيما يخص المملكة، يساعدهم في تأجيج الصراع بين التيارات المختلفة بغية «شق الوحدة الوطنية». لذلك كله يتطلب الوضع الحالي من الفريقين المتناحرين أن يشكِّلا صفاً واحداً، وأن يتماسكا، ليكونا حائط صد لتلك الحملات الممنهجة ضد المملكة، التي تقودها قوى التطرف والظلام والإرهاب. الظرف الآن يتطلب «حبة خشم» بينكما، وكل منكما عليه أن «يمسحها بوجه الآخر»، وطي الخلافات، وتجاوزها، فإذا انتهت هذه الأزمات، وعاد الاستقرار إلى المنطقة العربية حينها لكم كامل الحرية في «إشهار المشعاب على الآخر»!