إن الطريق الذي يسلكهُ المرء، وهو عائدٌ من بعد رحلةٍ مُعيَّنة لا يشبه أبداً طريق ذهابه، وإنْ كان سيقطع المسافة ذاتها، ويمر بذات الأماكن، فالإنسان الذي ذهب من داخله لا يشبه الإنسان العائد. حين نخرج في نزهةٍ ما، محمَّلين بالطعام، والشراب، والحلوى، فإننا نعود منها بعلبٍ فارغة، وعلى العكس حين نقصد بعض المحلات التجارية، أو أحد المراكز الغذائية على الطريق، نذهب بأيدٍ خالية، ونعود محمَّلين بكثيرٍ من الحاجيات. طريق العودة لا يشبه أبداً طريق الذهاب. طريق التأمل لا يشبه ما نعود به من أفكار وأحاسيس. طريق القلم لا يشبه طريق الورقة. وطريقنا نحن قد يشبهنا، وقد يتقاطع معنا. طريق العودة يُجسِّد أجمل معزوفات الطرق، فهو غير مشوَّش بقلق، ولا يحمل ضباب المجهول. طريق العودة، طريق المعرفة الحقيقية بمضمون الرحلة، وما استثمرناه فيها، والشوق لهذا الطريق يدفعنا إلى أن نستغلَّ أثمن اللحظات قبل عودتنا. طريق العودة، هو ربيع القطاف من بعد أشهر الزراعة الطويلة، فمَنْ يخسر هذا الطريق محتملٌ له أن يخسر الحصاد كله! لا تنم وأنت عائدٌ في الطريق، استيقظ! هذه أهم محطةٍ هنا.