كان الأسبوع الماضي محطة أولى لبداية التحذير الذي نشرته الهيئة العامة للغذاء والدواء في موقعها الإلكتروني، من خلال المنشور الذي تصدّره عنوان صادم وهو أن: «الغذاء والدواء» تحذر من استهلاك عدد من منتجات الشوكولاتة لشركة مارس لاحتمال وجود قطع بلاستيكية فيها. ولعل ورود اسم شركة مارس في موقع الهيئة ذاتها، لم يكن الورود الأول؛ إذ ورد منشور آخر قبل ما يقارب العامين في الموقع نفسه، كانت عنونته أن: «الغذاء والدواء» ترصد تحذيراً «دولياً» من تناول مشروبات تنتجها شركة «مارس»، لتلوثها ببكتيريا باسيلس. وحتماً يتزايد مستوى قلق المستهلك لظهور هذه الأخبار، كنتيجة طبيعية لما يحمله الخبر السلبي من تأثير، إلا أن ما يُحسب لهيئة الغذاء والدواء هو اهتمامها وسرعة تفاعلها مع هذه الحالة، حينما وضحت في بيان، أن مركز الإنذار السريع للغذاء وإدارة الأزمات التابع للهيئة، رصد إنذارات صادرة عن عدد من الجهات الحكومية بدول الاتحاد الأوروبي بتاريخ 1437/5/14ه الموافق 2016/2/23م، كما تلقت الهيئة إشعاراً من شركة مارس السعودية عن سحب شركة مارس بهولندا لعدد من منتجات الشوكولاتة ذات المنشأ الهولندي، وذلك لاحتمال وجود قطع بلاستيكية، مما قد يشكل خطراً على المستهلك. كما أشارت الهيئة في تحذيرها الاحترازي إلى أن المعلومات الأولية ذكرت المنتجات التي قد تحتوي على القطع البلاستيكية في أسواق المملكة، وهذا ما يجعل التوعية رسالة متينة في محتواها وصياغتها. وبشكل أكثر تفصيلاً، تتناول صحيفة الغارديان الحادثة، فتذكر أن شركة مارس تسحب منتجاتها في 55 بلداً في العالم، إلى درجة جاءت توقعات خسائر الشركة بسبب هذا الظرف إلى عشرات الملايين من الدولارات. وفيما ابتدأت الشرارة الأولى للحادثة في 8 يناير في ألمانيا، حينما وجد أحد المستهلكين قطعة بلاستيك حمراء في أحد ألواح شوكولاتة تنتجها مارس، فقام بتقديم شكوى للشركة مباشرة التي اضطرت إلى تتبع الحالة، ورجحت أن يكون البلاستيك كان عبارة عن نوع من المغلفات التي تستخدم أثناء عملية التصنيع، وعلى أثره، سارعت إلى إطلاق هذه الحملة كإجراء احترازي، مع أن الشركة وقعت تحت ضغوط أسهمت فيها مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال تعليقات ممتعضة وساخرة أو متسائلة عن حقيقة ما يتم تداوله في الإعلام أو تغريدات تويتر ضمن مفهوم سلطة مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها. وفيما أشارت شركة مارس السعودية إلى سحب المنتجات التي جاءت في بيان هيئة الغذاء والدواء، إلا أن ألواح الشوكلاتة لا يزال عرضها في بعض مواقع التسويق الصغيرة، مما يستدعي تدخل الهيئة ووزارة التجارة في متابعة سحب المنتجات المشار إليها إلى حين حسم قضيتها. هذه الحالة تشترك فيما أشار إليه تحذير يوتيوبي لأحد استشاريي علوم الميكروبات الإكلينيكية وهندستها الجينية، وهو السعودي الدكتور محمد محروس المحروس، في حديث عن خطورة بعض ما يتم تسويقه من زيت الزيتون، الذي يتعرض غالباً إلى إضافة زيوت أخرى، كما يتم تسويق بعضه في بعض العبوات المعدنية «التنك»، ويسترسل في حديثه عن بعض البلدان التي نستورد منها هذه الزيوت، ويضع شواهد من بعض صحفها التي تتحدث عن حجم الغش الذي يفتك بهذه الصناعات الزراعية. بل ما يزيد الأمر خشية هو ما تم رصده من حالات غش لهذه الزيوت في بعض بلدان أوروبا لماركات شهيرة تبيعها مراكز التسويق. وإذا علمنا أن طبيعة العصر وتنامي كثير من أمراض القلب وغيرها من العلل المزمنة، يوصى فيها بالابتعاد عن الزيوت المشبعة، والاتجاه لاستخدام أمثل لزيت الزيتون الذي في الوقت الذي نحسبه، كمستهلكين، أنه الملاذ الآمن ضمن الزيوت، بينما وسط هيمنة نظريات الرأسمال الحديث التي تنظر للإنسان باعتباره كائناً مستهلكاً، وكل ما يحقق معدلات الأرباح العالية من وراء هذا الكائن فلا يمكن أن يفرّط فيه. ومع التقدير لجهود الجهات التي تسعى لأداء أدوارها بكل أمانة، سواء في هيئة الغذاء والدواء أو وزارة التجارة وغيرهما، إلا أن أسواقنا صارت مكاناً للاكتساب ولو على حساب صحة الإنسان، وهكذا يمكن أن يقال: تكاثرت الظّباء على خراش، فلا يدري خراشٌ ما يصيد.