رغم هذا التطور الهائل الذي نشهده، ورغم بلوغ العقل البشري أسمى مراتب العلم، رغم كسره المستحيل، وتوصله إلى أعظم وأصعب الاختراعات العلمية، وتجاوز تخطيط تلك العقول الوصول إلى القمر إلى ما هو أبعد منه، واقتحام علم الذرة، ودقتها، والبراعة في التقنية الإلكترونية، حيث أوصلوها إلى مرحلة قد تعد من الخيال، وكذلك الأمر في الطب، حيث واصلت عقولهم تميزها كبقية العقول البشرية، لكن هناك علامة استفهام وحيدة، وهي أننا في هذا العصر المتطور والهائل، ورغم براعة الإنسان في اكتشاف أعظم الأشياء، وأدقها، وأصعبها، وفي أعظم الدول، وفي أكثرها تطوراً، وتقدماً علمياً، مازال هناك في هذا العالم مَنْ «يعبد البقر»، أو مَنْ «يعبد النار»، أو مَنْ «يعتقد في القبور»؟! عجباً لتلك العقول، التي تصل إلى اكتشاف أعظم وأصعب الأشياء في هذا الزمن، وتنجح في ذلك، لكنها تفشل فشلاً ذريعاً في الوصول إلى أسهل الأشياء، وأبسطها على الإطلاق، بل إنه شي وحيد فقط لا يستحق البحث والاكتشاف، بل يحتاج فقط إلى قلب ينظر به إلى عظمة الخالق المصوِّر خالق هذا الكون العظيم، الله سبحانه وتعالى، فعجباً لضعف الإنسان، يكتشف أدق الأشياء، ويصل إلى أعلى مراتب العلم: دكتور، فيلسوف، وبروفيسور، لكن يعجز، أو يتجاهل معرفة وحدانية الله عز وجل، وهذا دليل قطعي على أن الإنسان لا يناقش تلك الأعراف والتقاليد، التي نشأ عليها، ويستمر عليها دون أن يكون له أدنى وجهة نظر فيها، فلو نظر بقلبه لوجد أنه لا جدوى من التوسل إلى بقرة، أو الخضوع إلى نار، أو التأمل في منفعة شخص له وهو داخل قبره، وقد تحوَّل إلى تراب، ذلك العالِم يوصف من قِبل كافة الناس بأنه خارق الذكاء، ولكنه في الحقيقة في أعظم مراتب الغباء لعجزه عن معرفة أن هذا الكون العظيم ما كان ليُوجد لولا أن الرب شاء ذلك، وبالتالي فإن الله يستحق منا أن نعبده ونخضع له. سبحانك ربي.