أثَّرت نتائج الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في ولاية أيوا الأمريكية على المرشح راند بول، فقرَّر الانسحاب. لكن الأكثر إثارة كان توجيه صاحب المركز الثاني بين مرشحي الحزب، دونالد ترامب، اتهاماتٍ بالتزوير لصاحب المركز الأول، تيد كروز. ودعا ترامب، المعروف بمواقفه المناهضة للمهاجرين والمسلمين، إلى إعادة الاقتراع الذي جرى في أيوا الإثنين الماضي. وكتب في تغريدةٍ على موقع «تويتر» أمس «بناءً على التزوير الذي ارتكبه السيناتور تيد كروز (..) ينبغي إجراء عملية تصويت جديدة أو إبطال نتائج كروز». واعتبر ترامب، وهو رجل أعمال وملياردير، أن «كروز لم يفز (..) بل سرق ذلك، ولهذا السبب كانت الاستطلاعات خاطئة جداً، وهذا هو السبب في نيله أصواتاً أكثر مما كان متوقعاً». وزاد أن صاحب المركز الأول أطلق شائعةً قبل التصويت مفادها انسحاب منافس جمهوري آخر هو بن كارسون و»دعا أنصار الأخير إلى التصويت لصالحه»، متابعاً «صوَّت كثيرٌ من الناس لكروز بدلاً من كارسون بسبب هذا الغش». بينما حلَّ السيناتور بول (58 عاماً)، الذي يصف نفسه بأنه ليبرالي يدافع عن الحقوق الشخصية والخصوصية، في المرتبة الخامسة، إذ لم يحصل سوى على 4.5% من الأصوات. لذا أعلن أمس انسحابه «لأنتهي من حيث بدأت» حسب تعبيره. وشدَّد «جاهز ومستعد للقتال من أجل قضية الليبرالية» و»سأواصل حمل شعلة الليبرالية في مجلس الشيوخ وأتطلع إلى نيل شرف تمثيل سكان ولاية كنتاكي لفترة جديدة». ورغم انسحابه؛ لا يزال المشهد الجمهوري يكتظ ب 10 من الساعين للحصول على ترشيح حزبهم لخوض سباق الرئاسة في مقابل مرشَّحَين ديمقراطيَّين فقط هما هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز. وأحد الجمهوريين العشرة الباقين الملياردير ترامب الذي مُنِي بانتكاسة في المحطة الأولى من الانتخابات التمهيدية رغم تفوُّقه في استطلاعات الرأي. واعترف ترامب، الذي يقيم في نيويورك ويُعرَف بمواقفه العدائية، بأنه شعر ب «مسحة من الإحباط» بعدما خسِر الجولة الأولى أمام السيناتور عن تكساس كروز. وحصل كروز على 28 % من أصوات المشاركين في المؤتمر الحزبي مقابل 24 % لترامب. وحلَّ السيناتور عن فلوريدا، ماركو روبيو، في المركز الثالث ب 23 % من الأصوات على مسافة قريبة من المركز الثاني. ورداً على سؤالٍ صحفي عن شعوره إزاء النتيجة؛ أجاب ترامب «هناك مسحة .. ربما لدي مسحة لأن استطلاعاً للرأي أظهر أنني كنت متقدماً بخمس نقاط». وكانت كافة استطلاعات الرأي في الأسابيع السابقة على مؤتمر أيوا أظهرت احتفاظه بتفوقٍ على مستوى الولايات أو على المستوى القومي. لكن سيطرته في أيوا تذبذبت بعد فوز كروز بتأييد رئيس من زعيم إنجيلي محلي. وأقرَّ ترامب بأن قراره بالتغيُّب عن مناظرة قناة «فوكس نيوز» التليفزيونية بين المرشحين الجمهوريين الخميس الماضي أضرَّت به على الأرجح. لكنه أبلغ مؤتمراً صحفياً بثقته في أساليبه رداً على سؤالٍ قبل اجتماعٍ انتخابي في ميلفورد بولاية نيوهامشير مساء أمس الأول. وسأل الصحفي عمَّا إذا كان يعتزم المرشح المثير للجدل تغيير استراتيجية حملته الانتخابية، فعبَّر الأخير عن ثقته في نفسه وإن تعهَّد بإضافة مزيد من اللقاءات إلى حملته على غرار لقاءاتٍ تُعقَد في المجالس البلدية. بدورها؛ تحدثت متصدرة السباق الديمقراطي والسيناتورة السابقة عن نيويورك، هيلاري كلينتون، بوضوحٍ عن موقفها من ترامب، قائلةً «لم نكن أصدقاء». وأبلغت مجلة «بيبول» بقولها «حدث تعارفٌ بيننا في نيويورك بالطبع .. عرفتُ كثيرين». ولطالما تحدث الملياردير المعروف بمواقفه اليمينية عن صداقةٍ تجمعه بهيلاري وزوجها الرئيس السابق، بيل كلينتون. وأشارت «بيبول» إلى مقابلةٍ أجرتها شبكة «فوكس نيوز» مع ترامب في عام 2012 وقال فيها إنه يُحبذُ الزوجين كلينتون كثيراً. لكن بيل وهيلاري، اللذين حضرا حفل زواجه في عام 2005، تعرَّضا لهجماتٍ من جانبه خلال الحملة الانتخابية. وفي نوفمبر الماضي؛ اعتبر أن «هيلاري لا تملك القوة ولا القدرة على التحمل لتصبح رئيسة للولايات المتحدة»، ووصفها ب «أسوأ وزيرة للخارجية في تاريخ البلاد» في الفترة التي تولت فيها المنصب بين عامي 2009 و2013. وحين انتقدته كلينتون الشهر الماضي قائلة إنه استخدم عبارات موتِّرة للأجواء وأظهر ولعاً بالتمييز على أساس الجنس؛ ردَّ عليها بالإشارة إلى الفضائح الجنسية التي لاحقت زوجها أثناء رئاسته في تسعينيات القرن الماضي. وكانت تعليقات ترامب الحادة والجارحة أحياناً بشأن الناخبين ذوي الأصول اللاتينية وكذا النساء والمسلمين ومنافسيه هي النغمة السائدة خلال الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري. واتهمته كلينتون بانتهاج سياسة مثيرة للشقاق. وصرَّحت في مقابلة مع «بيبول» بأنها لا تعبأ كثيراً بما يقوله عنها «لأني أرى في ذلك ممارسةً سياسيةً حتى لو كانت من نوعٍ لا أحبه». وتداركت «لكن ما يهمني هو ما يقوله عن الآخرين الذين لا يملكون صوتاً أو منصةً للدفاع عن أنفسهم» في إشارةٍ إلى المهاجرين والمسلمين. وتساءلت «ما هذا الذي يتحدث عنه؟ لماذا يفعل ذلك؟»، مبيِّنةً «أنا قلقة للغاية من طريقة الحديث التي تدور في المناقشة السياسية هذا العام لأن آخر شيء تحتاجه بلادنا الآن هو مزيدٌ من الانقسام وزيادة الروح السلبية». ولم يتضح متى أجرت المجلَّة المقابلة مع متصدرة السباق الديمقراطي نحو البيت الأبيض. في سياقٍ آخر؛ وافق مجلس النواب الأمريكي بأغلبيةٍ ضئيلةٍ مساء أمس الأول على مشروع قانونٍ يقيِّد قدرة الرئيس، باراك أوباما، على رفع العقوبات بموجب الاتفاق النووي الدولي مع إيران. جاء ذلك بعد حوالي 3 أسابيع من إلغاء تصويتٍ مماثل. ووافق أعضاء المجلس بأغلبية 246 صوتاً مقابل 181 صوتاً على «قانون شفافية تمويل إيران للإرهاب». وبدت نتيجة التصويت شبه متطابقة مع الانتماء الحزبي، إذ صوَّت الجمهوريون بالموافقة، بينما عارض الديمقراطيون بأغلبية ساحقة. ومن غير المتوقع أن يصبح التشريع قانوناً رغم سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ في الكونجرس. وحتى إذا وافق «الشيوخ» على التشريع؛ فإن أوباما وعد باستخدام سلطة النقض الرئاسي (الفيتو) قائلاً إن مشروع القانون سيقتل الاتفاق النووي. وكان «النواب» وافق بأغلبية ضئيلة على التشريع الشهر الماضي، لكن جرى إبطال التصويت بعد حضور ما يقرب من ثلث النواب متأخرين للإدلاء بأصواتهم. وأُعلِنَ عن إبطال التصويت في ال 13 من يناير الفائت. وفي ال 16 من الشهر نفسه؛ أعلنت السلطات الأمريكيةوالإيرانية عن صفقة معقدة تمَّ بموجبها الإفراج عن 4 سجناء أمريكيين مع بدء سريان الاتفاق النووي.