تحظى المرأة بمكانة سامية في المجتمع، فالمرأة هي جزء لا يتجزأ من المجتمع؛ بل هي أم المجتمع، وصانعة رجاله، وصدق خير البشر، صلى الله عليه وسلم، عندما قال: «النساء شقائق الرجال». ومع هذا نجد مَنْ يحاول الانتقاص من حق المرأة، بل ويمارس العنف ضدها بما ينافي الطبيعة البشرية السوية، التي تنبذ العنف ضد الآخرين بجميع أشكاله، فكيف إذا كان ضد ذلك المخلوق الرقيق، الذي يحتاج إلى العطف والتقدير نظراً للمكانة التي يمثلها في المجتمع؛ لذا لابد من تكاتف جميع أفراد المجتمع لنبذ ممارسات العنف، التي يمارسها أشباه الرجال ضد النساء، فكم من زوجة «تقاسي الويلات» بسبب سوء أخلاق زوجها، وضربه المستمر لها، وكم من امرأة عانت من تسلط وليها، وممارسته الضرب والتعنيف ضدها، ولاشك أن وقوف المجتمع ضد تلك الممارسات البغيضة تجاه المرأة، يجعل مثل هؤلاء يُحجمون عن فعلها، فالمرأة مخلوق ضعيف، يحتاج إلى العطف، والحنان، والاحتواء، لا أن تُضرب، وتُعنَّف بشتى الأشكال؛ حيث إن الأصل في العلاقات الزوجية: المودة والرحمة، وهذا هو الوضع الطبيعي، وحدوث مشاحنة، أو بغضاء بين الزوجين، يعتبر حالة مرضية، تقتضي المعالجة. إن من مظاهر اكتمال الخلق، ونمو الإيمان أن يكون المرء رفيقاً رقيقاً مع أهله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم». فإكرام المرأة دليل على كمال الشخصية، وإهانتها علامة على الخسة واللؤم، ومن إكرامها التلطف بها اقتداء برسول الله، صلى الله عليه وسلم، كما أن من حق المرأة على الرجل أن يصبر على أذاها، وأن يعفو عما يكون منها من زلات؛ يقول خير البشر، صلى الله عليه وسلم: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ أعوج، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً» (متفق عليه). ومعنى «استوصوا»: تواصوا فيما بينكم بالإحسان إليهن، وذهب بعضهم إلى أن المقصود بأعلى الضلع: اللسان، أو الخلق، أو الفكر، فلو حاولت أن تجعله مستقيماً تاماً، وكنت مصراً على ذلك، كسرته، وكسره طلاقها، لذا يجب أن نتعامل مع النساء بمبدأ الرحمة، ولا مانع من سنِّ بعض العقوبات الملزمة، التي تلجم مَنْ يحاول التطاول على المرأة، أو التقليل من شأنها، فما ضرب رسول الله امرأة، ولا أهانها. فإياك أخي أن تتعامل مع أختك، أو أمك، أو ابنتك، أو زوجتك بمنطق «اللارحمة»، فمَنْ يتعامل بهذه الطريقة فليغيِّر معاملته فوراً، وعليه الاقتداء برسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذي كان آخر كلامه: «أوصيكم بالنساء خيراً».