بعد كل حادث إرهابي، نرى فيه أشلاء بعض الفجَّار، الذين يفجِّرون أنفسهم في المساجد لقتل الأبرياء في بيوت الله، نصبُّ سخطنا، ونطالب بأقصى أنواع العقوبة في حق كل هؤلاء الإرهابيين، والأَولى حقاً أن نبحث عن صنَّاع هذا الفكر الإرهابي، والمطالبة بإعدامهم. وأضطر مرغماً إلى إعادة ما جاء في مقالات سابقة عن هذا المسلسل الإجرامي، الذي يدمي قلوبنا، ويزعزع أمن الوطن. * يُجمع حتى الأعداء على كراهية، ونكران ظاهرة الفكر الداعشي، والنفور والتقزز من ممارسات المنتمين إليه، فهي ممارسات لا يجيزها دين، ولا يقرها شرع، وهل كان من الممكن أن ينتشر هذا الفكر الهمجي، الذي يشوِّه الإسلام، ويلغي العقل المستنير للمسلمين في ظل الظروف التي نعيشها، وتتأذى منها شعوب المنطقة؟! إن مَنْ يقف وراء نشر الفوضى، ودعم فكر «داعش»، هم أعداء الإسلام، والمنتمون إليه، يحاربون المسلمين، ويسالمون أعداء الإسلام، لذا من الصعوبة أن نستوعب المشهد السياسي، والأيديولوجي، الذي يؤطر مشروع الغرب وراء نشر الفوضى في المنطقة، ما لم نقرأ جيداً أبعاد المؤامرة، التي سيقت إليها دول المنطقة، وستكون قريباً نتائجها وخيمة على العالم كله. * تنظيم داعش الإرهابي، تشكَّلت فصائله لمحاربة التنظيمات الجهادية الأخرى المتحاربة في سوريا، والعراق بدعم من الولاياتالمتحدة، ودول الغرب، وأطلق النظام السوري من سجونه العناصر الإرهابية، التي تسلمها من وكالة الاستخبارات الأمريكية، وما يحدث اليوم يتكرر فيه سيناريو مستنقع «قاعدة أفغانستان»، التي انضم إليها شبابنا العرب، وكانت حقاً جهاداً ضد أعداء الإسلام، ولكن هؤلاء الشباب تم تحويلهم بعد عودتهم إلى «مجاهدين» ضد بلادهم، فعاثوا فيها، بإرهابهم، فساداً ودماراً. فعلاً يصعب علينا استيعاب المشهد السياسي والأيديولوجي، الذي يؤطر المشروع المنفَّذ من قِبل «داعش» ومَنْ يساعدها لبدء مرحلة جديدة من مخطط نشر الفوضى، ومحاربة المسلمين بدلاً من إعلان الحرب ضد أعداء الإسلام. هناك حقاً ما يجمع بين جماعات القاعدة، و"داعش»، والحوثيين، تطرفاً، وخيانة، وإرهاباً، وهي حقاً جماعات تنفذ مخطط طهران الصفوي الصهيوني في المنطقة. * حقاً: تبت يد الإرهاب، وحبط ما صنع الإرهابيون، ودعاة الفتنة والتفكير المريض، ولن يكون أبناء هذا الوطن بنسيجهم المتماسك، مهما اختلفت انتماءاتهم الحزبية، والمذهبية، والطائفية، إلا أبناءً لهذا الكيان، وهم جزء منه، يشكِّلون نسيجه الاجتماعي المميز. ولابد من إسكات كل صوت يريد الفتنة، والتعصب، والكراهية، لأن الوطن، والشعب جزء لا يتجزأ، وكيان لا يسهل تفكيكه، والتأثير على وحدته، وتضامنه بإثارة الفتن بين مختلف الطوائف، التي دائماً تعيش متضامنة آمنة. * في كل مرة، وبعد كل عملية إرهابية تفجعنا، نتوجع لها، ونستنكر، ونبحث في مسألة الإرهاب، ومسبباته، ونطرح أسئلة كثيرة، نجد أنها بقيت معلَّقة بلا أجوبة، وندور في دائرة مفرغة، علماء، وكُتَّاباً، وخطباء، قد أجهدوا بحثاً وتنظيراً، لنعود مجدداً إلى المربع الأول.